responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 51
وَمَرَّةً بِمَعْنَى يَهَبُ. وَفِي قَوْلِهِ: {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] عَلَى مَنْ يَعُودُ هَذَا الضَّمِيرُ؟ هَلْ عَلَى الْوَلِيِّ؟ أَوْ عَلَى الزَّوْجِ؟ فَمَنْ قَالَ: عَلَى الزَّوْجِ - جَعَلَ " يَعْفُوَ " بِمَعْنَى يَهَبُ. وَمَنْ قَالَ: عَلَى الْوَلِيِّ - جَعَلَ " يَعْفُوَ " بِمَعْنَى يُسْقِطُ. وَشَذَّ قَوْمٌ فَقَالُوا: لِكُلِّ وَلِيٍّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ الْوَاجِبِ لِلْمَرْأَةِ.
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ اللَّذَانِ فِي الْآيَةِ عَلَى السَّوَاءِ، لَكِنَّ مَنْ جَعَلَهُ الزَّوْجَ فَلَمْ يُوجِبْ حُكْمًا زَائِدًا فِي الْآيَةِ، أَيْ: شَرْعًا زَائِدًا؛ لِأَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ ضَرُورَةِ الشَّرْعِ. وَمَنْ جَعَلَهُ الْوَلِيَّ؛ إِمَّا الْأَبُ، وَإِمَّا غَيْرُهُ - فَقَدْ زَادَ شَرْعًا، فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِدَلِيلٍ يُبَيِّنُ بِهِ أَنَّ الْآيَةَ أَظْهَرُ فِي الْوَلِيِّ مِنْهَا فِي الزَّوْجِ، وَذَلِكَ شَيْءٌ يَعْسُرُ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الصَّغِيرَةَ وَالْمَحْجُورَةَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَهَبَ مِنْ صَدَاقِهَا النِّصْفَ الْوَاجِبَ لَهَا. وَشَذَّ قَوْمٌ فَقَالُوا: يَجُوزُ أَنْ تَهَبَ، مَصِيرًا؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] .
وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا وَهَبَتْ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا، ثُمَّ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ - فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلِ النِّصْفُ الْوَاجِبُ لِلزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ هُوَ فِي عَيْنِ الصَّدَاقِ؟ أَوْ فِي ذِمَّةِ الْمَرْأَةِ؟ فَمَنْ قَالَ: فِي عَيْنِ الصَّدَاقِ - قَالَ: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ. وَمَنْ قَالَ: هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمَرْأَةِ - قَالَ: يَرْجِعُ، وَإِنْ وَهَبَتْهُ لَهُ، كَمَا لَوْ وَهَبَتْ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا.
وَفَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْقَبْضِ وَلَا قَبْضٍ، فَقَالَ: إِنْ قَبَضَتْ فَلَهُ النِّصْفُ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ حَتَّى وَهَبَتْ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعَيْنِ مَا لَمْ تَقْبِضْ، فَإِذَا قَبَضَتْ صَارَ فِي الذِّمَّةِ.

[الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ فِي التَّفْوِيضِ في المهر]
الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ: فِي التَّفْوِيضِ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ نِكَاحَ التَّفْوِيضِ جَائِزٌ، وَهُوَ أَنْ يُعْقَدَ النِّكَاحُ دُونَ صَدَاقٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236] .
وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِذَا طَلَبَتِ الزَّوْجَةُ فَرْضَ الصَّدَاقِ، وَاخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ.
الْمَوْضِعُ الثَّانِي: إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ، وَلَمْ يَفْرِضْ، هَلْ لَهَا صَدَاقٌ؟ أَمْ لَا؟
فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى، وَهِيَ إِذَا قَامَتِ الْمَرْأَةُ تَطْلُبُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا مَهْرًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَفْرِضُ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ فِي ذَلِكَ خِيَارٌ. فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ قَالَ: لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرْضِ لَمْ يَكُنْ فِي عَقْدِةِ النِّكَاحِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: الزَّوْجُ بَيْنَ خِيَارَاتٍ ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَلَا يَفْرِضَ، وَإِمَّا أَنْ يَفْرِضَ مَا تَطْلُبُهُ الْمَرْأَةُ بِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَفْرِضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَيُلْزِمَهَا.
وَسَبَبُ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست