responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 52
اخْتِلَافِهِمْ، أَعْنِي: بَيْنَ مَنْ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ لِلزَّوْجِ إِذَا طَلَّقَ بَعْدَ طَلَبِهَا الْفَرْضَ، وَمَنْ لَا يُوجِبُ - اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236] ، هَلْ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي سُقُوطِ الصَّدَاقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ سَبَبُ الطَّلَاقِ اخْتِلَافَهُمْ فِي فَرْضِ الصَّدَاقِ؟ أَوْ لَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ سَبَبُهُ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ؟ وَأَيْضًا فَهَلْ يُفْهَمُ مِنْ رَفْعِ الْجُنَاحِ عَنْ ذَلِكَ سُقُوطُ الْمَهْرِ فِي كُلِّ حَالٍ؟ أَوْ لَا يُفْهَمُ ذَلِكَ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَظْهَرُ سُقُوطَهُ فِي كُلِّ حَالٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] .
وَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَ ابْتِدَاءً أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَى مَنْ أَوْجَبَ لَهَا الْمُتْعَةَ مَعَ شَطْرِ الصَّدَاقِ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحِ غَيْرِ التَّفْوِيضِ، وَأَوْجَبَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ - أَنْ يُوجِبَ لَهَا مَعَ الْمُتْعَةِ فِيهِ شَطْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَتَعَرَّضْ بِمَفْهُومِهَا؛ لِإِسْقَاطِ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ. وَإِنَّمَا تَعَرَّضَتْ لِإِبَاحَةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْفَرْضِ، فَإِنْ كَانَ يُوجِبُ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ مَهْرَ الْمِثْلِ إِذَا طُلِبَ فَوَاجِبٌ أَنْ يَنْشَطِرَ إِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، كَمَا يَنْشَطِرُ فِي الْمُسَمَّى، وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ: إِنَّهُ لَيْسَ يَلْزَمُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ خِيَارِ الزَّوْجِ.

وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَهِيَ إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ وَالْأَوْزَاعِيَّ قَالُوا: لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ، وَلَهَا الْمُتْعَةُ وَالْمِيرَاثُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَالْمِيرَاثُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُدُ. وَعَنِ الشَّافِعِيِّ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا، إِلَّا أَنَّ الْمَنْصُورَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلْأَثَرِ؛ أَمَّا الْأَثَرُ فَهُوَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي؛ فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي: أَرَى لَهَا صَدَاقَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا، وَلَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ. فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ، فَقَالَ: أَشْهَدُ، لَقَضَيْتَ فِيهَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍّ " خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِهَذَا فَهُوَ أَنَّ الصَّدَاقَ عِوَضٌ، فَلَمَّا لَمْ يُقْبَضِ الْمُعَوَّضُ لَمْ يَجِبِ الْعِوَضُ، قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ بَرْوَعَ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مَعَ السُّنَّةِ، وَالَّذِي قَالَهُ هُوَ الصَّوَابُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْمَوْضِعُ الْخَامِسُ فِي الْأَصْدِقَةِ الْفَاسِدَةِ]
وَالصَّدَاقُ يَفْسُدُ إِمَّا لِعَيْنِهِ، وَإِمَّا لِصِفَةٍ فِيهِ مِنْ جَهْلٍ أَوْ عُذْرٍ؛ فَالَّذِي يَفْسُدُ لِعَيْنِهِ فَمِثْلُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَمَلَّكَ. وَالَّذِي يَفْسُدُ مِنْ قِبَلِ الْعُذْرِ وَالْجَهْلِ فَالْأَصْلُ فِيهِ بِالْبُيُوعِ، وَفِي ذَلِكَ خَمْسُ مَسَائِلَ مَشْهُورَةٍ:

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست