responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 50
الْعَقْدِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الصَّدَاقِ، وَبِالْجُمْلَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَمِ مُوجِبَاتِ الصِّحَّةِ، وَلَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ اخْتِيَارٌ أَصْلًا.
وَأَمَّا الْفُسُوخُ الطَّارِئَةُ عَلَى الْعَقْدِ الصَّحِيحِ مِثْلُ الرِّدَّةِ وَالرَّضَاعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا فِيهِ اخْتِيَارٌ، أَوْ كَانَ لَهَا دُونَهُ لَمْ يُوجِبِ التَّشْطِيرَ. وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارٌ مِثْلُ الرِّدَّةِ أَوْجَبَ التَّشْطِيرَ. وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ فِيهِ التَّنْصِيفُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ سَبَبِهَا أَوْ سَبَبِهِ، وَأَنَّ مَا كَانَ فَسْخًا، وَلَمْ يَكُنْ طَلَاقًا - فَلَا تَنْصِيفَ فِيهِ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ هَذِهِ السُّنَّةُ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى؟ أَمْ لَيْسَتْ بِمَعْقُولَةٍ؟ فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى، وَأَنَّهُ إِنَّمَا وَجَبَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ عِوَضَ مَا كَانَ لَهَا لِمَكَانِ الْجَبْرِ عَلَى رَدِّ سِلْعَتِهَا، وَأَخْذِ الثَّمَنِ كَالْحَالِ فِي الْمُشْتَرَى، فَلَمَّا فَارَقَ النِّكَاحُ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْبَيْعَ جَعَلَ لَهَا هَذَا عِوَضًا مِنْ ذَلِكَ الْحَقِّ - قَالَ: إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ مِنْ سَبَبِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ مَا كَانَ لَهَا مِنْ جَبْرِهِ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ السِّلْعَةِ.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ، وَاتَّبَعَ ظَاهِرَ اللَّفْظِ - قَالَ: يَلْزَمُ التَّشْطِيرُ فِي كُلِّ طَلَاقٍ كَانَ مِنْ سَبَبِهِ أَوْ سَبَبِهَا.
فَأَمَّا حُكْمُ مَا يَعْرِضُ لِلصَّدَاقِ مِنَ التَّغَيُّرَاتِ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِهَا أَوْ مِنَ اللَّهِ؛ فَمَا كَانَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَلَفًا لِلْكُلِّ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَقْصًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً وَنَقْصًا مَعًا.
وَمَا كَانَ مِنْ قِبَلِهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهَا فِيهِ بِتَفْوِيتٍ مِثْلِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ، أَوْ يَكُونَ تَصَرُّفُهَا فِيهِ فِي مَنَافِعِهَا الْخَاصَّةِ بِهَا أَوْ فِيمَا تَتَجَهَّزُ بِهِ إِلَى زَوْجِهَا. فَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّهُمَا فِي التَّلَفِ وَفِي الزِّيَادَةِ وَفِي النُّقْصَانِ شَرِيكَانِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي النُّقْصَانِ وَالتَّلَفِ عَلَيْهَا بِالنِّصْفِ، وَلَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ الزِّيَادَةِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ الصَّدَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوِ الْمَوْتِ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا؟ أَوْ لَا تَمْلِكُهُ؟ فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا - قَالَ: هُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ مَا لَمْ تَتَعَدَّ فَتُدْخِلَهُ فِي مَنَافِعِهَا. وَمَنْ قَالَ: تَمْلِكُهُ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا، وَالتَّشْطِيرُ حَقٌّ وَاجِبٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهَا عِنْدَ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ - أَوْجَبَ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ مَا ذَهَبَ عِنْدَهَا. وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا إِذَا صَرَفَتْهُ فِي مَنَافِعِهَا ضَامِنَةٌ لِلنِّصْفِ.
وَاخْتَلَفُوا إِذَا اشْتَرَتْ بِهِ مَا يُصْلِحُهَا لِلْجِهَازِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَا اشْتَرَتْهُ؟ أَمْ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَا اشْتَرَتْهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ الصَّدَاقُ.
وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي فَرْعٍ مَشْهُورٍ مُتَعَلِّقٍ بِالسَّمَاعِ، وَهُوَ هَلْ لِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ؟ ، أَعْنِي: إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلِلسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هُوَ الِاحْتِمَالُ الَّذِي فِي قَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] . وَذَلِكَ فِي لَفْظَةِ " يَعْفُو " فَإِنَّهَا تُقَالُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَرَّةً بِمَعْنَى يُسْقِطُ،

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست