responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 38
بِالشَّرْعِ، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَوْلِيَاءُ وَغَيْرُهُمْ، وَكَوْنُ الْوَلِيِّ مَأْمُورًا بِالْمَنْعِ بِالشَّرْعِ لَا يُوجِبُ لَهُ وِلَايَةً خَاصَّةً فِي الْإِذْنِ، أَصْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ.
وَلَوْ قُلْنَا: إِنَّهُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ يُوجِبُ اشْتِرَاطَ إِذْنِهِمْ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ لَكَانَ مُجْمَلًا لَا يَصِحُّ بِهِ عَمَلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أَصْنَافِ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا صِفَاتِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ، وَالْبَيَانُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ. وَلَوْ كَانَ فِي هَذَا كُلِّهِ شَرْعٌ مَعْرُوفٌ لَنُقِلَ تَوَاتُرًا أَوْ قَرِيبًا مِنَ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَعْقِدُ أَنْكِحَتَهُمْ، وَلَا يُنَصِّبُ لِذَلِكَ مَنْ يَعْقِدُهَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْآيَةِ لَيْسَ هُوَ حُكْمَ الْوِلَايَةِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَا لَا يُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ. وَأَيْضًا فَإِنْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ الْحَدِيثِ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا اشْتِرَاطُ إِذْنِ الْوَلِيِّ لِمَنْ لَهَا وَلِيٌّ، أَعْنِي: الْمَوْلَى عَلَيْهَا. وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةُ لَا تَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهَا، أَعْنِي: أَنْ لَا تَكُونَ هِيَ الَّتِي تَلِي الْعَقْدَ، بَلِ الْأَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ لَهَا جَازَ أَنْ تَعْقِدَ عَلَى نَفْسِهَا دُونَ أَنْ تَشْتَرِطَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ إِشْهَادَ الْوَلِيِّ مَعَهَا.
وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ الْفَرِيقُ الْآخَرُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234]- فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ النَّهْيُ عَنِ التَّثْرِيبِ عَلَيْهِنَّ فِيمَا اسْتَبْدَدْنَ بِفِعْلِهِ دُونَ أَوْلِيَائِهِنَّ، وَلَيْسَ هَا هُنَا شَيْءٌ يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَبِدَّ بِهِ الْمَرْأَةُ دُونَ الْوَلِيِّ إِلَّا عَقْدَ النِّكَاحِ، فَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ لَهَا أَنْ تَعْقِدَ النِّكَاحَ، وَلِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الشَّرْعِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَأَنْ يُحْتَجَّ بِبَعْضِ ظَاهِرِ الْآيَةِ عَلَى رَأْيِهِمْ، وَلَا يُحْتَجَّ بِبَعْضِهَا - فِيهِ ضَعْفٌ.
وَأَمَّا إِضَافَةُ النِّكَاحِ إِلَيْهِنَّ فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِنَّ بِالْعَقْدِ، لَكِنَّ الْأَصْلَ هُوَ الِاخْتِصَاصُ، إِلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهُوَ لَعَمْرِي ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسْتَأْذَنُ، وَيَتَوَلَّى الْعَقْدَ عَلَيْهِمَا الْوَلِيُّ - فَبِمَاذَا - لَيْتَ شِعْرِي - تَكُونُ الْأَيِّمُ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا؟
وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ هُوَ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا هَذَا الْحَدِيثَ أَحْرَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَارِضًا لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا فِي السُّكُوتِ وَالنُّطْقِ فَقَطْ، وَيَكُونَ السُّكُوتُ كَافِيًا فِي الْعَقْدِ. وَالِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234] هُوَ أَظْهَرُ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تَلِي الْعَقْدَ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِهِ: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ.
وَقَدْ ضَعَّفَتِ الْحَنَفِيَّةُ حَدِيثَ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَدِيثٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَحَكَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست