responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 37
كَوْنِهَا مُحْتَمَلَةً فِي أَلْفَاظِهَا مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهَا إِلَّا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْقِطُ لَهَا لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.
وَنَحْنُ نُورِدُ مَشْهُورَ مَا احْتَجَّ بِهِ الْفَرِيقَانِ، وَنُبَيِّنُ وَجْهَ الِاحْتِمَالِ فِي ذَلِكَ؛ فَمِنْ أَظْهَرِ مَا يَحْتَجُّ بِهِ مِنَ الْكِتَابِ مَنِ اشْتَرَطَ الْوِلَايَةَ قَوْله تَعَالَى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] قَالُوا: وَهَذَا خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقٌّ فِي الْوِلَايَةِ لَمَا نُهُوا عَنِ الْعَضْلِ، وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] قَالُوا: وَهَذَا خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ أَيْضًا.
وَمِنْ أَشْهَرِ مَا احْتَجَّ بِهِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ فِيهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَأَمَّا مَنِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْوِلَايَةَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234] . قَالُوا: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَصَرُّفِهَا فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهَا. قَالُوا: وَقَدْ أَضَافَ إِلَيْهِنَّ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ مِنَ الْكِتَابِ الْفِعْلَ، فَقَالَ: {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] ، وَقَالَ: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] .
وَأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ فَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» . وَبِهَذَا الْحَدِيثِ احْتَجَّ دَاوُدُ فِي الْفَرْقِ عِنْدَهُ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ فِي هَذَا الْمَعْنَى. فَهَذَا مَشْهُورُ مَا احْتَجَّ بِهِ الْفَرِيقَانِ مِنَ السَّمَاعِ.
فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232]- فَلَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ نَهْيِ قَرَابَةِ الْمَرْأَةِ وَعَصَبَتِهَا مِنْ أَنْ يَمْنَعُوهَا النِّكَاحَ، وَلَيْسَ نَهْيُهُمْ عَنِ الْعَضْلِ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ إِذْنِهِمْ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، أَعْنِي: بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ أَدِلَّةِ الْخِطَابِ الظَّاهِرَةِ أَوِ النَّصِّ، بَلْ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ ضِدُّ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ لَيْسَ لَهُمْ سَبِيلٌ عَلَى مَنْ يَلُونَهُمْ.
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] هُوَ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِأُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَحْرَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلْأَوْلِيَاءِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلْأَوْلِيَاءِ أَوْ لِأُولِي الْأَمْرِ.
فَمَنِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ أَنَّهُ أَظْهَرُ فِي خِطَابِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْهُ فِي أُولِي الْأَمْرِ. فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا عَامٌّ، وَالْعَامُّ يَشْمَلُ ذَوِي الْأَمْرِ وَالْأَوْلِيَاءَ - قِيلَ: إِنَّ هَذَا الْخِطَابَ إِنَّمَا هُوَ خِطَابٌ بِالْمَنْعِ، وَالْمَنْعُ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست