responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 39
أَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَشْتَرِطِ الْوِلَايَةَ، وَلَا الْوِلَايَةُ مِنْ مَذْهَبِ عَائِشَةَ.
وَقَدِ احْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» ، وَلَكِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي رَفْعِهِ.
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ " فِي نِكَاحِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَّ سَلَمَةَ وَأَمْرِهِ لِابْنِهَا أَنْ يُنْكِحَهَا إِيَّاهُ ".
وَأَمَّا احْتِجَاجُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْمَعَانِي فَمُحْتَمَلٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الرُّشْدَ إِذَا وُجِدَ فِي الْمَرْأَةِ اكْتُفِيَ بِهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، كَمَا يُكْتَفَى بِهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ مَائِلَةٌ بِالطَّبْعِ إِلَى الرِّجَالِ أَكْثَرَ مِنْ مَيْلِهَا إِلَى تَبْذِيرِ الْأَمْوَالِ، فَاحْتَاطَ الشَّرْعُ بِأَنْ جَعَلَهَا مَحْجُورَةً فِي هَذَا الْمَعْنَى عَلَى التَّأْبِيدِ، مَعَ أَنَّ مَا يَلْحَقُهَا مِنَ الْعَارِ فِي إِلْقَاءِ نَفْسِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ كَفَاءَةٍ يَتَطَرَّقُ إِلَى أَوْلِيَائِهَا، لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ أَوِ الْحِسْبَةُ.
وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ كَمَا تَرَى، وَلَكِنَّ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الشَّارِعُ اشْتِرَاطَ الْوِلَايَةِ لَبَيَّنَ جِنْسَ الْأَوْلِيَاءِ وَأَصْنَافَهُمْ وَمَرَاتِبَهُمْ، فَإِنَّ تَأَخُّرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ. فَإِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَكَانَ عُمُومُ الْبَلْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَقْتَضِي أَنْ يُنْقَلَ اشْتِرَاطُ الْوِلَايَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَاتُرًا أَوْ قَرِيبًا مِنَ التَّوَاتُرِ، ثُمَّ لَمْ يُنْقَلْ - فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنَّهُ لَيْسَتِ الْوِلَايَةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا لِلْأَوْلِيَاءِ الْحِسْبَةُ فِي ذَلِكَ. وَإِمَّا إِنْ كَانَ شَرْطًا فَلَيْسَ مِنْ صِحَّتِهَا تَمْيِيزُ صِفَاتِ الْوَلِيِّ وَأَصْنَافِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ، وَلِذَلِكَ يَضْعُفُ قَوْلُ مَنْ يُبْطِلُ عَقْدَ الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ.

[الْمَوْضِعُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْوَلِيِّ]
الْمَوْضِعُ الثَّانِي: وَأَمَّا النَّظَرُ فِي الصِّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلْوِلَايَةِ وَالسَّالِبَةِ لَهَا، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْوِلَايَةِ الْإِسْلَامَ، وَالْبُلُوغَ، وَالذُّكُورَةَ. وَأَنَّ سَوَالِبَهَا أَضْدَادُ هَذِهِ، أَعْنِي: الْكُفْرَ وَالصِّغَرَ وَالْأُنُوثَةَ.
وَاخْتَلَفُوا فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْعَبْدِ وَالْفَاسِقِ وَالسَّفِيهِ؛ فَأَمَّا الْعَبْدُ فَالْأَكْثَرُ عَلَى مَنْعِ وِلَايَتِهِ، وَجَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ. وَأَمَّا الرُّشْدُ فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، أَعْنِي عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَبِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَشْهَبُ، وَأَبُو مُصْعَبٍ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ تَشْبِيهُ هَذِهِ الْوِلَايَةِ بِوِلَايَةِ الْمَالِ؛ فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ قَدْ يُوجِبُ الرُّشْدَ فِي هَذِهِ الْوِلَايَةِ مَعَ عَدَمِهِ فِي الْمَالِ - قَالَ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا فِي الْمَالِ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعُ الْوُجُودِ قَالَ: لَا بُدَّ مِنَ الرُّشْدِ فِي الْمَالِ، وَهُمَا قِسْمَانِ كَمَا تَرَى، أَعْنِي أَنَّ الرُّشْدَ فِي الْمَالِ غَيْرُ الرُّشْدِ فِي اخْتِيَارِ الْكَفَاءَةِ لَهَا.
وَأَمَّا الْعَدَالَةُ فَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا نَظَرٌ لِلْمَعْنَى،

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست