responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 321
وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ فَمَا سَقَطَ عَنْ الْعِبَادَةِ مَعَ كَوْنِهِ مَشْرُوعًا فِي الْجُمْلَةِ فَمِنْ حَيْثُ سَقَطَ أَصْلًا كَانَ مَجَازًا وَمِنْ حَيْثُ بَقِيَ مَشْرُوعًا فِي الْجُمْلَةِ كَانَ شَبِيهًا بِحَقِيقَةِ الرُّخْصَةِ فَكَانَ دُونَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِثَالُهُ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَخَّصَ فِي السَّلَمِ» وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الْبَيْعِ أَنْ يُلَاقِيَ عَيْنًا، وَهَذَا حُكْمٌ بَاقٍ مَشْرُوعٌ لَكِنَّهُ سَقَطَ فِي بَابِ السَّلَمِ أَصْلًا تَخْفِيفًا حَتَّى لَمْ يَبْقَ تَعْيِينُهُ فِي السَّلَمِ مَشْرُوعًا وَلَا عَزِيمَةً؛ وَهَذَا لِأَنَّ دَلِيلَ الْيُسْرِ مُتَعَيِّنٌ لِوُقُوعِ الْعَجْزِ عَنْ التَّعْيِينِ فَوُضِعَ عَنْهُ أَصْلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجْهٍ يُضْمَنُ يَسِيرًا فَأَمَّا التَّعْجِيلُ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فَلَيْسَ بِمَشْرُوعٍ فَكَانَ فِعْلُهُ تَغْيِيرًا لِلْمَشْرُوعِ.
أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّوْمَ شُرِعَ لِتَرْتَاضَ النَّفْسُ لِخِدْمَةِ خَالِقِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي أَبْوَابِ الْأَمْرِ فَإِذَا أَدَّى إلَى الْهَلَاكِ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ، وَهُوَ الِارْتِيَاضُ لِلْخِدْمَةِ فَكَانَ خِلَافَ الْمَشْرُوعِ. فَلَمْ يَكُنْ نَظِيرُ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ بِقَتْلِ الظَّالِمِ أَيْ لَا يَكُونُ الْمُسَافِرُ فِيمَا ذُكِرَ مِثْلَ الْمُقِيمِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْفِطْرِ بِالْقَتْلِ الصَّابِرِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُقْتَلَ إقَامَةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُنَاكَ صَدَرَ مِنْ الْمُكْرَهِ وَأُضِيفَ إلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ الصَّابِرُ مُغَيِّرًا لِلْمَشْرُوعِ بِفِعْلِهِ بَلْ هُوَ فِي الصَّبْرِ مُسْتَدِيمٌ لِلْعِبَادَةِ مُظْهِرٌ لِلطَّاعَةِ وَذَلِكَ عَمَلُ الْمُجَاهِدِينَ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ إذَا لَمْ يُفْطِرْ فِي السَّفَرِ أَوْ الْمَرَضِ حَتَّى مَاتَ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْسَنَ إلَيْهِ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ وَبِالتَّعْجِيلِ مَعَ الْهَلَاكِ صَارَ رَادًّا عَفْوًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَمُبْتَدِئًا مِنْ نَفْسِهِ بِالْإِحْسَانِ لَا مُقِيمًا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا لَا يَحْسُنُ شَرْعًا وَعَقْلًا. وَذُكِرَ فِي شَرْحِ التَّأْوِيلَاتِ أَنَّ الْمُسَافِرَ أَوْ الْمَرِيضَ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْإِفْطَارِ فَامْتَنَعَ حَتَّى قُتِلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ آثِمًا بَلْ يَكُونُ شَهِيدًا لِكَوْنِهِ مُقِيمًا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى إذْ حَقُّهُ لَمْ يَسْقُطْ وَلِهَذَا وَجَبَ الْقَضَاءُ، وَلَوْ سَقَطَ حَقُّهُ أَصْلًا لَمَا وَجَبَ الْبَذْلُ إلَّا أَنَّهُ وَرَدَ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ نُصُوصٌ عَلَى إلْحَاقِ الْوَعِيدِ بِهِمَا بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ مِثْلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» . وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ» . وَالْمُرَادُ حَالَةَ خَوْفِ التَّلَفِ عَلَى نَفْسِهِ لِوُرُودِ الْأَخْبَارِ فِي إبَاحَةِ الِامْتِنَاعِ، وَفِعْلُ الصَّوْمِ فِي حَالِ عَدَمِ خَوْفِ التَّلَفِ فَدَلَّتْ عَلَى إبَاحَةِ الْإِفْطَارِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يَكُونُ الْأَدَاءُ وَاجِبًا، وَلَا يَكُونُ مُقِيمًا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الِامْتِنَاعِ فَيَكُونُ آثِمًا وَالْإِكْرَاهُ فِي حَالَةِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ نَظِيرُ خَوْفِ التَّلَفِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُلْحَقُ بِهِ تَسْمِيَةُ مَا حُطَّ عَنَّا مِنْ الْأَسْرَارِ وَالْأَغْلَالِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا رُخْصَةً مَجَازًا؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْنَا، وَلَا عَلَى غَيْرِنَا لَا يُسَمَّى رُخْصَةً أَصْلًا، وَهِيَ لَمَّا وَجَبَتْ عَلَى غَيْرِنَا فَإِذَا قَابَلْنَا أَنْفُسَنَا بِهِمْ كَانَ السُّقُوطُ فِي حَقِّنَا تَوْسِعَةً وَتَخْفِيفًا فَحَسُنَ إطْلَاقُ اسْمِ الرُّخْصَةِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ تَجَوُّزًا لَا تَحْقِيقًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلْحُرْمَةِ مَعَ الْحُكْمِ مَعْدُومٌ أَصْلًا بِالرَّفْعِ وَالنَّسْخِ، وَالْإِيجَابُ عَلَى غَيْرِنَا لَا يَكُونُ تَضْيِيقًا فِي حَقِّنَا، وَالرُّخْصَةُ فُسْحَةٌ فِي مُقَابَلَةِ التَّضْيِيقِ.
وَالْإِصْرُ الْأَعْمَالُ الشَّاقَّةُ وَالْأَحْكَامُ الْمُغَلَّظَةُ كَقَتْلِ النَّفْسِ فِي التَّوْبَةِ وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ الْخَاطِئَةِ. وَالْأَغْلَالُ الْمَوَاثِيقُ اللَّازِمَةُ لُزُومَ الْغُلِّ كَذَا فِي غَيْرِ الْمَعَانِي. وَفِي الْكَشَّافِ: الْإِصْرُ الثِّقَلُ الَّذِي يَأْصِرُ صَاحِبَهُ أَيْ يَحْبِسُهُ لِثِقَلِهِ، وَهُوَ مُثْقِلٌ لِثِقَلِ تَكْلِيفِهِمْ وَصُعُوبَتِهِ نَحْوُ اشْتِرَاطِ قَتْلِ النَّفْسِ فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ.، وَكَذَلِكَ الْأَغْلَالُ مِثْلُ لَمَّا كَانَ فِي شَرَائِعِهِمْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الشَّاقَّةِ نَحْوِ بَتِّ الْقَضَاءِ بِالْقِصَاصِ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً مِنْ غَيْرِ شَرْعِ الدِّيَةِ وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ الْخَاطِئَةِ، وَقَرْضِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ مِنْ الْجِلْدِ وَالثَّوْبِ، وَإِحْرَاقِ الْغَنَائِمِ وَتَحْرِيمِ الْعُرُوقِ فِي اللَّحْمِ وَتَحْرِيمِ السَّبْتِ.
وَعَنْ عَطَاءٍ كَانَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ إذَا قَامَتْ تُصَلِّي لَبِسُوا الْمُسُوحَ وَغَلُّوا أَيْدِيَهُمْ إلَى أَعْنَاقِهِمْ وَرُبَّمَا ثَقَبَ الرَّجُلُ تَرْقُوَتَهُ وَجَعَلَ فِيهَا طَرَفَ السَّلْسَلَةِ، وَأَوْثَقَهَا إلَى السَّارِيَةِ يَحْبِسُ نَفْسَهُ عَلَى الْعِبَادَةِ.

قَوْلُهُ (وَأَمَّا النَّوْعُ الرَّابِعُ) وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَخِيرُ مِنْ أَنْوَاعِ الرُّخَصِ فَمَا سَقَطَ عَنْ الْعِبَادِ بِإِخْرَاجِ السَّبَبِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا لِلْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الرُّخْصَةِ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ السَّاقِطِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 321
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست