responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 320
وَكَانَتْ الْعَزِيمَةُ أَوْلَى عِنْدَنَا لِكَمَالِ سَبَبِهِ وَلَتَرَدَّدَ فِي الرُّخْصَةِ حَتَّى صَارَتْ الْعَزِيمَةُ تُؤَدِّي مَعْنَى الرُّخْصَةِ مِنْ وَجْهٍ فَلِذَلِكَ تَمَّتْ الْعَزِيمَةُ عَلَى مَا نُبَيِّنُ فِي آخِرِ هَذَا الْفَصْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَعْرَضَ الشَّافِعِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَجَعَلَ الرُّخْصَةَ أَوْلَى اعْتِبَارًا لِظَاهِرِ تَرَاخِي الْعَزِيمَةِ إلَّا أَنْ يُضْعِفَهُ الصَّوْمُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ لِإِقَامَةِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَتِيلًا بِالصَّوْمِ فَيَصِيرُ قَاتِلًا نَفْسَهُ بِمَا صَارَ بِهِ مُجَاهِدًا وَفِي ذَلِكَ تَغْيِيرُ الْمَشْرُوعِ فَلَمْ يَكُنْ نَظِيرُ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِقَتْلِ الظَّالِمِ حَتَّى أَقَامَ الصَّوْمَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ مُضَافٌ إلَى الظَّالِمِ فَلَمْ يَصِرْ الصَّابِرُ مُغَيِّرًا لِلْمَشْرُوعِ فَصَارَ مُجَاهِدًا، وَأَمَّا أَتَمُّ نَوْعَيْ الْمَجَازِ فَمَا وُضِعَ عَنَّا مِنْ الْإِصْرِ وَالْأَغْلَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى رُخْصَةً مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَاقِطٌ لَمْ يَبْقَ مَشْرُوعًا فَلَمْ يَكُنْ رُخْصَةً إلَّا مَجَازًا مِنْ حَيْثُ هُوَ نَسْخٌ تَمَحَّضَ تَخْفِيفًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْفِطْرِ بَلْ فِي الْعَزِيمَةِ نَوْعُ يُسْرٍ أَيْضًا فَإِنَّ الصَّوْمَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَيْسَرُ مِنْ التَّفَرُّدِ بِهِ وَبَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ بِخِلَافِ قَصْرِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ بَيَانُهُ. فَكَانَتْ الْعَزِيمَةُ تُؤَدِّي أَيْ تُحَصِّلُ مَعْنَى الرُّخْصَةِ وَتُفْضِي إلَيْهِ، وَهُوَ الْيُسْرُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. فَلِذَلِكَ أَيْ لِتَأْدِيَتِهَا مَعْنَى الرُّخْصَةِ تَمَّتْ الْعَزِيمَةُ أَيْ كَمُلَتْ بِحُصُولِ مَعْنَى الرُّخْصَةِ مَعَ تَحَقُّقِ مَعْنَى الْعَزِيمَةِ، وَهُوَ إقَامَةُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَحَقِيقَةُ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَزِيمَةَ كَانَتْ نَاقِصَةً بِاعْتِبَارِ تَأَخُّرِ حُكْمِهَا إلَى زَمَانِ الْإِقَامَةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الرُّخْصَةُ أَوْلَى كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنَّ هَذَا التَّأَخُّرَ ثَبَتَ رِفْقًا بِالْمُسَافِرِ وَتَيْسِيرًا لِلْأَمْرِ عَلَيْهِ، وَفِي الصَّوْمِ نَوْعُ يُسْرٍ أَيْضًا فَانْجَبَرَ ذَلِكَ النُّقْصَانُ بِهَذَا الْيُسْرِ فَتَمَّتْ، وَكَمُلَتْ فَكَانَ الْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى كَمَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ أَعْرَضَ الشَّافِعِيُّ عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَنْ تَرْجِيحِ الْعَزِيمَةِ، وَجَعَلَ الرُّخْصَةَ أَيْ الْعَمَلَ بِهَا أَوْلَى فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ اعْتِبَارًا لِظَاهِرِ تَرَاخِي الْعَزِيمَةِ أَيْ تَرَاخِي حُكْمِهَا فَإِنَّ وُجُوبَ أَدَاءِ الصَّوْمِ لَمَّا تَأَخَّرَ إلَى إدْرَاكِ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ اقْتَضَى أَنْ لَا يَجُوزَ الْأَدَاءُ قَبْلَهُ كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُ الظَّوَاهِرِ إلَّا أَنَّهُ تُرِكَ فِي حَقِّ عَدَمِ الْجَوَازِ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِيهِ فَبَقِيَ مُعْتَبَرًا فِي أَفْضَلِيَّةِ الْفِطْرِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ يَتَقَرَّرُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَالْأَدَاءُ قَبْلَهُ يَكُونُ أَدَاءً قَبْلَ الْوُجُوبِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ فِي حَقِّ عَدَمِ الْجَوَازِ بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ مُعْتَبَرًا فِي أَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. ثُمَّ الْأَفْضَلُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ الْقَصْرُ فَكَذَا الْفِطْرُ فِي الصَّوْمِ يَكُونُ أَفْضَلَ.
وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا، وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُسَافِرِ يَتَرَخَّصُ بِالْفِطْرِ، وَإِنْ صَامَ فَهُوَ أَفْضَلُ لَهُ «وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّوْمِ حَتَّى شَكَا النَّاسُ إلَيْهِ ثُمَّ أَفْطَرَ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ وَالْأَحَادِيثُ فِي الْبَابِ كَثِيرَةٌ. وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَجِيزِ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ مِنْ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ لِتَبْرِئَةِ الذِّمَّةِ إلَّا إذَا كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ. وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَفْضَلِ الْأَمْرَيْنِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ أَفْضَلُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِثْلُ النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ الصَّوْمُ أَفْضَلُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ مَا هُوَ الْأَيْسَرُ مِنْهُمَا قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يُضْعِفَهُ الصَّوْمُ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَكَانَتْ الْعَزِيمَةُ أَوْلَى يَعْنِي إذَا أَضْعَفَهُ الصَّوْمُ فَحِينَئِذٍ كَانَ الْفِطْرُ أَوْلَى، وَلَوْ صَبَرَ حَتَّى مَاتَ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ لَزِمَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَوْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِإِقَامَةِ الصَّوْمِ صَارَ قَتِيلًا بِالصَّوْمِ، وَهُوَ الْمُبَاشِرُ لِفِعْلِ الصَّوْمِ فَيَصِيرُ قَاتِلًا نَفْسَهُ بِمَا صَارَ بِهِ مُجَاهِدًا، وَهُوَ الصَّوْمُ مِنْ غَيْرِ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ إقَامَةُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَهُ عَنْهُ، وَهُوَ حَرَامٌ كَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِالسَّيْفِ الَّذِي يُجَاهِدُ بِهِ مَعَ الْكُفَّارِ كَانَ حَرَامًا.، وَفِي ذَلِكَ تَغْيِيرُ الْمَشْرُوعِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّهِ إمَّا التَّأْخِيرُ أَوْ جَوَازُ التَّعْجِيلِ عَلَى

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست