responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 322
وَكَذَلِكَ الْمُكْرَهُ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ الْمَيْتَةِ أَوْ الْمُضْطَرُّ إلَيْهِمَا رُخْصَةً مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ سَاقِطَةٌ حَتَّى إذَا صَبَرَ صَارَ آثِمًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَشْرُوعًا فِي الْجُمْلَةِ فَمِنْ حَيْثُ سَقَطَ فِي مَحَلِّ الرُّخْصَةِ أَصْلًا كَانَ نَظِيرَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ فَكَانَ مَجَازًا إذْ لَيْسَ فِي مُقَابَلَتِهِ عَزِيمَةٌ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَقِيَ السَّبَبُ وَالْحُكْمُ مَشْرُوعًا فِي الْجُمْلَةِ أَخَذَ شَبَهًا بِالْحَقِيقَةِ فَضَعُفَ وَجْهُ الْمَجَازِ فَكَانَ دُونَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَلَكِنَّ جِهَةَ الْمَجَازِ غَالِبَةٌ عَلَى شَبَهِ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْمَجَازِ بِالنَّظَرِ إلَى مَحَلِّ الرُّخْصَةِ وَشَبَهَ الْحَقِيقَةِ بِالنَّظَرِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا فَكَانَ جِهَةُ الْمَجَازِ أَقْوَى.
رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ» . كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ يَبِيعُونَ الشَّيْءَ الَّذِي لَا يَمْلِكُونَهُ ثُمَّ يَشْتَرُونَهُ بِثَمَنٍ رَخِيصٍ وَيُسَلِّمُونَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ لِلْحَاجَةِ فَشُرِطَتْ الْعَيْنِيَّةُ فِي عَامَّةِ الْبِيَاعَاتِ لِتَثْبُتَ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ ثُمَّ سَقَطَ هَذَا الشَّرْطُ فِي السَّلَمِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مَشْرُوعًا حَتَّى كَانَتْ الْعَيْنِيَّةُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ مُفْسِدَةً لِلْعَقْدِ لَا مُصَحِّحَةً لَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ هَذَا الشَّرْطِ لِلتَّيْسِيرِ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ لِيَتَوَصَّلُوا إلَى مَقَاصِدِهِمْ مِنْ الْأَثْمَانِ قَبْلَ إدْرَاكِ غَلَّاتِهِمْ مَعَ تَوَصُّلِ صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ إلَى مَقْصُودِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَكَانَتْ رُخْصَةً مَجَازًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَيْنِيَّةَ سَقَطَ أَصْلًا فِيهِ لِلتَّخْفِيفِ، وَلَمْ تَبْقَ مَشْرُوعَةً كَالْأَصْرَارِ وَالْأَغْلَالِ، وَلَكِنْ لَهَا شَبَهٌ بِالْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَيْنِيَّةَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَذَلِكَ أَيْ كَوْنُ السَّلَمِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَوْ تَسْمِيَتُهُ رُخْصَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ أَنْ يُلَاقِيَ عَيْنًا لِمَا رَوَيْنَا وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ. «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» «وَلِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» .
وَقَوْلُهُ، وَلَا عَزِيمَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ مَشْرُوعًا تَأْكِيدًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ عَدَمَ بَقَائِهِ مَشْرُوعًا بِطَرِيقِ الرُّخْصَةِ أَوْ تَقْدِيرُهُ لَمْ يَبْقَ عَزِيمَةً، وَلَا مَشْرُوعًا.، وَهَذَا أَيْ سُقُوطُ الْعَيْنِيَّةِ فِي بَابِ السَّلَمِ بِاعْتِبَارِ تَعَيُّنِ الْيُسْرِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّعْيِينِ مُتَحَقِّقٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِطَرِيقِ السَّلَمِ دَلِيلُ الْعَجْزِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا لَمَا بَاعَ بِأَوْكَسِ الْأَثْمَانِ، وَلَبَاعَهُ مُسَاوَمَةً لَا سَلَمًا فَلِذَلِكَ لَمْ يَبْقَ التَّعْيِينُ مَشْرُوعًا أَصْلًا كَشَرْطِ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْمُكْرَهُ) ، وَمِثْلُ السَّلَمِ الْمُكْرَهُ أَيْ فِعْلُ الْمُكْرَهِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ رُخْصَةٌ مَجَازًا بِطَرِيقِ حَذْفِ الْمُضَافِ، وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَوْ كَذَلِكَ الْمُكْرَهُ أَوْ الْمُضْطَرُّ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْفِعْلِ مُرَخَّصٌ بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَصْدَرِ عَلَى مَفْعُولٍ مِنْ جِنْسِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهَا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ أَنَّهَا تَصِيرُ مُبَاحَةً أَوْ تَبْقَى عَلَى الْحُرْمَةِ وَيَرْتَفِعُ الْإِثْمُ. فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ، وَلَكِنْ يُرَخَّصُ الْفِعْلُ فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ إبْقَاءً لِلْمُهْجَةِ كَمَا فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْكُفْرِ، وَأَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ تَرْتَفِعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا صَبَرَ حَتَّى مَاتَ لَا يَكُونُ آثِمًا عِنْدَ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ آثِمًا عِنْدَنَا. وَفِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حَرَامًا فَتَنَاوَلَ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ يَحْنَثُ عِنْدَهُمْ، وَلَا يَحْنَثُ عِنْدَنَا. تَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173] .
وَقَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3] .

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 322
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست