responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 333
لِأَنَّ الْحُسْنَ، وَالْقُبْحَ لَا يُنْسَبَانِ إلَى أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُ فَالْحَسَنُ، وَالْقَبِيحُ بِالْمَعْنَى الثَّالِثِ يَكُونَانِ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ بِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْفِعْلِ مَأْمُورًا بِهِ، وَمَنْهِيًّا عَنْهُ فَلِهَذَا قَالَ (فَالْحُسْنُ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ مَا أُمِرَ بِهِ) سَوَاءٌ كَانَ الْأَمْرُ لِلْإِيجَابِ أَوْ الْإِبَاحَةِ أَوْ النَّدْبِ (وَالْقَبِيحُ مَا نُهِيَ عَنْهُ) سَوَاءٌ كَانَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلْكَرَاهَةِ (وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ مَا يُحْمَدُ عَلَى فِعْلِهِ) سَوَاءٌ كَانَ يُحْمَدُ عَلَيْهِ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا، وَهَذَا تَفْسِيرُ الْحُسْنِ (وَمَا يُذَمُّ عَلَى فِعْلِهِ) هَذَا تَفْسِيرُ الْقَبِيحِ (وَبِالتَّفْسِيرِ الْآخَرِ مَا يَكُونُ لِلْقَادِرِ الْعَالِمِ بِحَالِهِ أَوْ يَفْعَلُهُ) احْتَرَزَ بِالْقَيْدَيْنِ عَنْ فِعْلِ الْمُضْطَرِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَهَذَا تَفْسِيرٌ آخَرُ لِلْحَسَنِ فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ فَسَّرُوا الْحَسَنَ، وَالْقَبِيحَ بِتَفْسِيرَيْنِ فَالْحَسَنُ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ يَخْتَصُّ بِالْوُجُوبِ، وَالْمَنْدُوبِ، وَبِالتَّفْسِيرِ الثَّانِي يَتَنَاوَلُ الْمُبَاحَ أَيْضًا.
(وَمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْقَبِيحُ مَا لَيْسَ لِلْقَادِرِ الْعَالِمِ بِحَالِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ فَكِلَا تَفْسِيرَيْ الْقَبِيحِ مُتَسَاوِيَانِ لَا يَتَنَاوَلَانِ إلَّا الْحَرَامَ، وَالْمَكْرُوهَ فَعَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِلْحَسَنِ الْمُبَاحِ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْحَسَنِ، وَالْقَبِيحِ، وَعَلَى الثَّانِي لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا (فَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ لَا يَثْبُتَانِ إلَّا بِالْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ) لِمَا ذَكَرْت أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَبْنِيٌّ عِنْدَهُ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْقَادِرِ الْعَالِمِ بِحَالِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَاحْتَرَزُوا بِالْقَادِرِ أَيْ الَّذِي إنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ عَنْ الْمُضْطَرِّ، وَبِالْعَالِمِ عَنْ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ مَا لَهُمَا أَنْ يَفْعَلَاهُ قَدْ لَا يَكُونُ حَسَنًا بَلْ قَبِيحًا فَلَوْ لَمْ يُقَيَّدْ لَانْتَقَضَ التَّعْرِيفَانِ جَمْعًا وَمَنْعًا، وَالْحَسَنُ بِالتَّفْسِيرِ الثَّانِي أَعَمُّ لِتَنَاوُلِهِ الْمُبَاحَ أَيْضًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْوَاجِبِ، وَالْمَنْدُوبِ إذْ لَا مَدْحَ عَلَى الْمُبَاحِ، وَلَا ذَمَّ كَالتَّنَفُّسِ مَثَلًا فَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْحَسَنِ، وَالْقَبِيحِ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي لَا وَاسِطَةَ لِأَنَّ الْحُسْنَ يَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَالْمُبَاحَ وَالْقَبِيحَ يَشْمَلُ الْحَرَامَ، وَالْمَكْرُوهُ كَمَا يَشْمَلُهُمَا بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ فَالْقَبِيحُ بِكِلَا التَّفْسِيرَيْنِ لَا يَشْمَلُ إلَّا الْحَرَامَ، وَالْمَكْرُوهَ فَيَكُونُ التَّفْسِيرَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ، وَهَاهُنَا بَحْثَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْفِعْلَ الْغَيْرَ الْمَقْدُورِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ حَالُهُ مِمَّا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ لِلْقَادِرِ الْعَالِمِ بِحَالِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ أَوْ لَا يَفْعَلُهُ فَيَكُونُ وَاسِطَةً بِالتَّفْسِيرِ الثَّانِي، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْقَبِيحِ إذْ لَيْسَ لِلْقَادِرِ الْعَالِمِ بِحَالِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَوْ الْعِلْمِ بِحَالِهِ الثَّانِي: أَنَّ الْمَكْرُوهَ عِنْدَهُمْ يُمْدَحُ عَلَى تَرْكِهِ، وَلَا يُذَمُّ عَلَى فِعْلِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَبِيحِ بَلْ يَكُونُ وَاسِطَةً بِمَنْزِلَةِ الْمُبَاحِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُمْدَحُ تَارِكُهُ بِخِلَافِ الْمُبَاحِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ قَبِيحٌ بِالتَّفْسِيرَيْنِ، وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاسِطَةً، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ أُرِيدَ بِمَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ أَوْ لَا يَفْعَلَهُ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ فَالْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ دَاخِلٌ فِي الْحَسَنِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَإِنْ أُرِيدَ مِنْ شَأْنِ الْقَادِرِ الْعَالِمِ بِحَالِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَيَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، وَمَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ فِي الْقَبِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَفْعَلَ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست