responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 332
بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ لَكِنْ أَوْرَدْت مَعَ الْعَجْزِ عَنْ دَرْك الْإِدْرَاكِ قَدْرَ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ، وَوَقَفْت لِإِيرَادِهِ: اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْحُسْنَ، وَالْقُبْحَ يُطْلَقَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ: الْأَوَّلُ كَوْنُ الشَّيْءِ مُلَائِمًا لِلطَّبْعِ، وَمُنَافِرًا لَهُ، وَالثَّانِي كَوْنُهُ صِفَةَ كَمَالٍ، وَكَوْنُهُ صِفَةَ نُقْصَانٍ، وَالثَّالِثُ كَوْنُ الشَّيْءِ مُتَعَلِّقَ الْمَدْحِ عَاجِلًا، وَالثَّوَابِ آجِلًا، وَكَوْنُهُ مُتَعَلِّقَ الذَّمِّ عَاجِلًا، وَالْعِقَابِ آجِلًا فَالْحُسْنُ، وَالْقُبْحُ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَثْبُتَانِ بِالْعَقْلِ اتِّفَاقًا أَمَّا بِالْمَعْنَى الثَّالِثِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ لَا يَثْبُتَانِ بِالْعَقْلِ بَلْ بِالشَّرْعِ فَقَطْ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا لَيْسَا لِذَاتِ الْفِعْلِ وَلَيْسَ لِلْفِعْلِ صِفَةٌ يَحْسُنُ الْفِعْلُ أَوْ يَقْبُحُ لِأَجْلِهَا عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ، وَثَانِيهِمَا: أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ عِنْدَهُ فَلَا يُوصَفُ بِالْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ، وَمَعَ ذَلِكَ جَوَّزَ كَوْنَهُ مُتَعَلَّقَ الثَّوَابِ، وَالْعِقَابِ بِالشَّرْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ لَا يَقْبُحُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْعَبْدَ أَوْ يُعَاقِبَهُ عَلَى مَا لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهِ لَكِنَّ الشَّرْعَ إذَا وَرَدَ بِهِ كَشْفٌ عَنْ حُسْنٍ، وَقُبْحٍ ذَاتِيَّيْنِ، وَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ لَا يَثْبُتُ الْحُسْنُ، وَالْقُبْحُ إلَّا بِالشَّرْعِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ يَعْنِي أَنَّ الْعُمْدَةَ فِي إثْبَاتِ ذَلِكَ أَمْرَانِ: أَحَدَهُمَا أَنَّ حُسْنَ الْفِعْلِ، وَقُبْحَهُ لَيْسَا لِذَاتِ الْفِعْلِ، وَلَا لِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ حَتَّى يَحْكُمَ الْعَقْلُ بِأَنَّهُ حَسَنٌ أَوْ قَبِيحٍ بِنَاءً عَلَى تَحَقُّقِ مَا بِهِ الْحُسْنُ أَوْ الْقُبْحُ، وَثَانِيهِمَا أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ اضْطِرَارِيٌّ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ، وَالْعَقْلُ لَا يَحْكُمُ بِاسْتِحْقَاقٍ فِي الثَّوَابِ أَوْ الْعِقَابِ عَلَى مَا لَا اخْتِيَارَ لِلْفَاعِلِ فِيهِ.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَذْهَبَ الْأَشْعَرِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهَا لِيَثْبُتَ مَذْهَبُهُ بَلْ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مُسْتَقِلٌّ بِإِفَادَةِ مَطْلُوبِهِ بَلْ، وَلَهُ أَدِلَّةٌ أُخْرَى عَلَى مَذْهَبِهِ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ الْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحُسْنَ، وَالْقُبْحَ لَا يُنْسَبَانِ إلَى أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ أَنَّهُ لَا قَبِيحَ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بَلْ كُلُّ أَفْعَالِهِ حَسَنَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَى نَهْجِ الصَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْأُمُورِ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ لَا عِلَّةَ لِصُنْعِهِ، وَلَا غَايَةَ لِفِعْلِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُفَسِّرُونَ الْحُسْنَ بِمَا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ فَجَمِيعُ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى حَسَنٌ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَبِمَعْنَى كَوْنِهِ صِفَةَ كَمَالِ، وَأَمَّا بِمَعْنَى كَوْنِ الْفِعْلِ مُتَعَلَّقَ الْمَدْحِ، وَالثَّوَابِ فَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْهُ، وَمَا ذَكَرُوا مِنْ تَفْسِيرِ الْحَسَنِ بِمَا أُمِرَ بِهِ، وَالْقَبِيحِ بِمَا نُهِيَ عَنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ خَاصَّةً، وَكَوْنُ الْمُبَاحِ دَاخِلًا فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ عِنْدَهُمْ مَحَلُّ نَظَرٍ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَأْمُورٍ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَلَّقِ الْمَدْحِ، وَالثَّوَابِ بِلَا نِزَاعٍ، وَهُوَ مَعْنَى الْحَسَنِ. وَالْأَوْضَحُ أَنْ يُقَالَ: الْقَبِيحُ مَا نُهِيَ عَنْهُ، وَالْحَسَنُ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِيَشْمَلَ الْمُبَاحَ، وَفِعْلَ الْبَارِي تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ) لِكُلٍّ مِنْ الْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ تَفْسِيرَانِ: أَحَدُهُمَا الْحُسْنُ مَا يُحْمَدُ عَلَى فِعْلِهِ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا، وَالْقُبْحُ مَا يُذَمُّ عَلَيْهِ، وَثَانِيهِمَا الْحَسَنُ مَا يَكُونُ لِلْقَادِرِ الْعَالِمِ بِحَالِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَالْقَبِيحُ مَا لَيْسَ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 332
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست