responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 334
أَصْلَيْنِ أَوْرَدْت عَلَى مَذْهَبِهِ دَلِيلَيْنِ لِإِثْبَاتِ الْأَصْلَيْنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُمَا لَيْسَا لِذَاتِ الْفِعْلِ أَوْ لِصِفَةٍ لَهُ، وَإِلَّا يَلْزَمُ قِيَامُ الْعَرَضِ وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ) أَيْ ضَعْفُ هَذَا الدَّلِيلِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ عُنِيَ بِقِيَامِ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ اتِّصَافُهُ بِهِ فَلَا نُسَلِّمُ امْتِنَاعَهُ فَإِنَّهُ وَاقِعٌ كَقَوْلِنَا: هَذِهِ الْحَرَكَةُ سَرِيعَةٌ أَوْ بَطِيئَةٌ عَلَى أَنَّ قِيَامَ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ بِهَذَا الْمَعْنَى لَازِمٌ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِمَا شَرْعِيَّيْنِ أَيْضًا نَحْوُ: هَذَا الْفِعْلُ حَسَنٌ شَرْعًا أَوْ قَبِيحٌ شَرْعًا، وَإِنْ عُنِيَ أَنَّ الْعَرَضَ لَا يَقُومُ بِعَرَضٍ آخَرَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ جَوْهَرٍ يَقُومُ بِهِ الْعَرَضَانِ فَالْقِيَامُ بِهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ لَازِمٍ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ لِذَاتِ الْفِعْلِ أَوْ لِصِفَةٍ لَهُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ فَاعِلٍ يَقُومُ الْفِعْلُ الْحَسَنُ بِهِ، وَإِنْ عُنِيَ بِهِ مَعْنًى آخَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ لِنَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ فَاعِلَ الْقَبِيحِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَرْكِهِ فَفِعْلُهُ اضْطِرَارِيٌّ، وَإِنْ تَمَكَّنَ فَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى مُرَجِّحٍ كَانَ اتِّفَاقِيًّا، وَإِنْ تَوَقَّفَ يَجِبُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّا فَرَضْنَاهُ مُرَجِّحًا تَامًّا، وَلِئَلَّا يَتَرَجَّحَ الْمَرْجُوحُ، وَلَا يَكُونُ الْمُرَجَّحُ بِاخْتِيَارِهِ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ فَيَكُونُ اضْطِرَارِيًّا، وَالِاضْطِرَارِيُّ، وَالِاتِّفَاقِيُّ لَا يُوصَفَانِ بِهِمَا اتِّفَاقًا) تَقْرِيرُهُ أَنَّ فَاعِلَ الْقَبِيحِ لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنْ تَرْكِهِ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مِنْ تَرْكِهِ فَفِعْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَسْتَحِقُّ بِتَرْكِهِ الْمَدْحَ لَمْ يَكُنْ كِلَا تَفْسِيرَيْ الْقَبِيحِ مُتَسَاوِيَيْنِ بَلْ الثَّانِي أَعَمُّ لِشُمُولِهِ الْمَكْرُوهَ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ.
(قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْت أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ) ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّ الْحُسْنَ، وَالْقُبْحَ إنَّمَا يَثْبُتَانِ بِأَمْرِ الشَّارِعِ، وَنَهْيِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَذَكَرَ الْأَدِلَّةَ لِإِثْبَاتِ الْأَصْلَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ عَقْلِيَّةٌ، وَنَقْلِيَّةٌ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا تَتَعَرَّضُ لِنَفْيِ كَوْنِ الْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ لِذَاتِ الْفِعْلِ أَوْ لِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ نَعَمْ هَذَا الْمَعْنَى لَازِمٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ إذْ لَوْ كَانَ الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ لِذَاتِ الْفِعْلِ أَوْ لِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ لِمَا كَانَ بِالشَّرْعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْمَقَامِ دَلِيلَانِ لَهُمْ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ قَدْ اعْتَرَفُوا بِضَعْفِهِمَا، وَعَدَمِ تَمَامِهِمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْحَسَنَ مَفْهُومٌ زَائِدٌ عَلَى مَفْهُومِ الْفِعْلِ الْمُتَّصِفِ بِهِ إذْ قَدْ يُعْقَلُ الْفِعْلُ، وَلَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ حُسْنُهُ، ثُمَّ هُوَ وُجُودِيٌّ؛ لِأَنَّ نَقِيضَةَ لَا حُسْنٌ، وَهُوَ عَدَمِيٌّ، وَإِلَّا لَمَا صَدَقَ عَلَى الْمَعْدُومِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُسْنٍ ضَرُورَةً أَوْ الْوُجُودِيُّ يَقْتَضِي مَحَلًّا مَوْجُودًا فَهُوَ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَى الْمَحَلِّ وُجُودِيٌّ فَيَكُونُ عَرَضًا ثُمَّ هُوَ صِفَةٌ لِلْفِعْلِ الَّذِي هُوَ عَرَضٌ فَيَكُونُ قَائِمًا بِهِ لِامْتِنَاعِ أَنْ يُوصَفَ الشَّيْءُ بِمَعْنًى هُوَ قَائِمٌ بِشَيْءٍ آخَرَ فَيَلْزَمُ قِيَامُ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ، وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ لِمَحَلِّ الْفِعْلِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ قِيَامُهُمَا مَعًا بِالْجَوْهَرِ إذْ هُمَا مَعًا حَيْثُ الْجَوْهَرُ تَبَعًا لَهُ.
وَحَقِيقَةُ قِيَامِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ هُوَ كَوْنُهُ تَابِعًا لَهُ فِي التَّحَيُّزِ، وَأَيْضًا مَعْنَى قِيَامِهِ بِهِ أَنَّهُ حَيْثُ ذَلِكَ الْعَرَضِ، وَحَيْثُ ذَلِكَ الْعَرَضِ هُوَ حَيْثُ ذَلِكَ الْجَوْهَرُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْعَرَضِ فَهُمَا مَعًا حَيْثُ ذَلِكَ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست