إِلَيْهَا إِلَّا فِي الرَّجْم فَكَانهُ مَا تعبد بِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا إِلَّا فِي ذَلِك فَقَط وَهَذَا رُجُوع إِلَى مَا قُلْنَاهُ من أَنه لم يكن متعبدا بِالتَّوْرَاةِ فِي الأَصْل وَيبقى الْخلاف فِي الرَّجْم وسنبين أَنه لم يرجع إِلَيْهَا ليستفيد الحكم مِنْهَا وَلَو ثَبت أَنه أَرَادَ الاستفادة للْحكم مِنْهَا لوَجَبَ أَن لَا يكون متعبدا بِالرُّجُوعِ إِلَى التَّوْرَاة إِلَّا فِي الرَّجْم فَقَط وَأَيْضًا فان السّلف لم يرجِعوا فِي شَيْء من الْحَوَادِث إِلَى نقل أهل الْملَل وَلم يسألوهم عَن شرعهم فِيهَا وَلَو كَانُوا متعبدين بذلك لجرت كتب الْأَنْبِيَاء الْمُتَقَدِّمين مجْرى الْقُرْآن وَالسّنة فِي وجوب الرُّجُوع إِلَيْهَا فان قيل إِنَّمَا كَانُوا متعبدين بِمَا تَوَاتر من شرع من تقدم دون مَا نقل بالآحاد لِأَن نقل الْوَاحِد والاثنين من الْكفَّار لَا يجوز الْعَمَل بِهِ وَلم يفحصوا عَن شرعهم لِأَن مَا تَوَاتر نَقله يبلغهم من غير فحص قيل لَيْسَ كَذَلِك لِأَن كثيرا مِمَّا تَوَاتر نَقله لَا يعرفهُ إِلَّا من خالط النقلَة وفحص عَن نقلهم أَلا ترى أَن كثيرا من فَتَاوَى السّلف وَمَا شجر بَينهم يعرف بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتر وَلَا يعرفهُ من لم يخالط النقلَة وَأَيْضًا فالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قَالَ لَهُ معَاذ أحكم بِكِتَاب الله وَسنة رَسُول الله وَقَالَ من بعد أجتهد رَأْيِي صَوبه وَلم يعرفهُ أَنه يجب عَلَيْهِ الحكم بِمَا فِي التوارة وَالْإِنْجِيل فان قيل فقد دخلت التَّوْرَاة فِي قَوْله أحكم بِكِتَاب الله قيل إِن إِطْلَاق قَوْله كتاب الله لَا يعقل مِنْهُ فِي الشَّرِيعَة إِلَّا الْقُرْآن أَلا ترى أَنه الْمَفْهُوم من قَوْله قَرَأت كتاب الله ورأينا كتاب الله وحكمنا بِكِتَاب الله دَلِيل وَأَيْضًا لَو كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُخَاطبا بشرع من سلف لم يخل إِمَّا أَن يكون مُخَاطبا بشرع مُوسَى أَو الْمَسِيح أَو شرع من تقدمهما وَلَا يجوز كَونه مُخَاطبا بشرع مُوسَى لِأَنَّهُ كَانَ مَنْسُوخا بشرع الْمَسِيح وَلَا يجوز أَن يكون مُسْتَعْملا لشرع الْمَسِيح لِأَنَّهُ لَيْسَ اُحْدُ من الْأمة قَالَ بذلك لِأَن الْأمة على ثَلَاثَة أقاويل مِنْهُم من قَالَ لم يكن متعبدا بشرائع من سلف وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّمَا تعبد بشرع مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَلِهَذَا يرجع إِلَى التَّوْرَاة وَمِنْهُم قَالَ إِنَّه تعبد بشرائع من سلف إِلَّا مَا منع مِنْهُ الدَّلِيل دَلِيل آخر لَو كَانَ متعبدا بشرع من سلف لم ينْسب جَمِيع شَرعه إِلَيْهِ كَمَا لَا ينْسب شَرعه إِلَى بعض أمته لما كَانَت أمته