نظرى لك كنظرى لنفسى اعلم أن الله واحد أحد صمد لا يضاده فى ملكه أحد ولا يزول ولم يزل أول من قبل الأشياء بلا أولية وآخر بلا نهاية حكيم عليم قديم لم يزل كذلك فإذا عرفت ذلك فافعل كما ينبغى لمثلك فى صغر خطره وقلة مقدرته وكثرة عجزه وعظيم حاجتك إلى ربك فاستعن بإلهك فى طلب حاجتك وتقرب إليه بطاعته وارغب إليه بقدرته وارهب منه لربوبيته فإنه حكيم لم يأمرك إلا بحسن ولا ينهاك إلا عن قبيح اجعل نفسك ميزانا بينك وبين غيرك واحبب لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لها ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم وأحسن كما تحب أن يحسن إليك ولا تقل ما لا تعلم بل أقلل مما تعلم ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك اعلم يا بنى أن الإعجاب ضد الصواب وآفة الألباب فاسع فى كدحك ولا تكن خازنا لغيرك فإذا هديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربك واعلم أن أمامك طريقا ذا مشقة بعيدة وأهوال شديدة وأنك لا غنى بك عن حسن الارتياد وقدر بلاغك من الزاد مع خفة الظهر فلا تحملن على ظهرك