responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3898
الْأَمْرَ إِنَّمَا يَكُونُ بِيَدِهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إِلَى عُمَرَ، وَكَانَ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَضَعْفُهُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ مِنَ الْإِضْرَابِ وَالِارْتِدَادِ وَاخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ، أَوْ إِلَى مَا كَانَ لَهُ مِنْ لِينِ الْجَانِبِ وَقِلَّةِ السِّيَاسَةِ وَالْمُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ضَعْفَهُ، وَهُوَ اعْتِرَاضٌ ذَكَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُعْلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مَوْضُوعٌ وَمَغْفُورٌ عَنْهُ غَيْرُ قَادِحٍ فِي مَنْصِبِهِ، وَمَصِيرُ الدَّلْوِ فِي نَوْبَةِ عُمَرَ غَرْبًا، وَهُوَ الدَّلْوُ الْكَبِيرُ الَّذِي يَسْتَقِي بِهِ الْبَعِيرُ إِشَارَةً إِلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ مِنْ تَعْظِيمِ الدِّينِ، وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَتَوَسُّعِ خِطَطِهِ وَقُوَّتِهِ، وَجِدُّهُ فِي النَّزْعِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا اجْتَهَدَ فِي إِعْلَاءِ أَمْرِ الدِّينِ، وَإِفْشَائِهِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا اجْتِهَادًا بِمَا لَمْ يَتَّفِقْ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَالْعَبْقَرِيُّ: الْقَوِيُّ، وَقِيلَ: الْعَبْقَرُ اسْمُ وَادٍ يَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنَّ الْجِنَّ تَسْكُنُهُ فَنَسَبُوا إِلَيْهِ كُلَّ مَنْ تَعَجَّبُوا مِنْهُ أَمْرًا كَقُوَّةٍ وَغَيْرِهَا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا مَا وَجَدُوا مِنْهُ خَارِجًا عَنْ وُسْعِ الْإِنْسَانِ، فَحَسِبُوا أَنَّهُ جِيءَ مِنَ الْعَبْقَرِ، ثُمَّ قَالُوهُ لِكُلِّ شَيْءٍ نَفِيسٍ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَوْلُهُ: فِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ لَيْسَ بِهِ حَطٌّ لِمَنْزِلَتِهِ، وَلَا إِثْبَاتُ فَضِيلَةٍ لِعُمَرَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ مُدَّةِ وِلَايَتِهِمَا، وَكَثْرَةِ انْتِفَاعِ النَّاسِ فِي وِلَايَةِ عُمَرَ لِطُولِهَا وَلِاتِّسَاعِ الْإِسْلَامِ وَفَتْحِ الْبِلَادِ وَحُصُولِ الْأَمْوَالِ وَالْغَنَائِمِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ، فَلَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ وَلَا إِشَارَةٌ إِلَى ذَنْبٍ، وَإِنَّمَا هِيَ كَلِمَةٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُزَيِّنُونَ بِهَا كَلَامَهُمْ. وَقَدْ جَاءَ فِي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ) أَنَّهَا كَلِمَةٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَهَا افْعَلْ كَذَا وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ. وَفِي قَوْلِهِ: فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ إِشَارَةٌ إِلَى نِيَابَةِ أَبِي بَكْرٍ وَخِلَافَتِهِ بَعْدَهُ، وَرَاحَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَفَاتِهِ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَمَشَاقِّهَا. وَفِي قَوْلِهِ: ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى قَوْلِهِ: وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَمَعَ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَجَمَعَ شَمْلَ الْمُسْلِمِينَ وَابْتَدَأَ الْفُتُوحَ وَمَهَّدَ الْأُمُورَ، وَتَمَّتْ ثَمَرَاتُ ذَلِكَ وَتَكَامَلَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

6041 - وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: (ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرْيَهُ، حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6041 - (وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: (ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ) أَيْ: فَلَمْ أُبْصِرْ أَوْ فَلَمْ أَعْرِفْ (عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرْيَهُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ فَتَشْدِيدٍ أَيْ يَعْمَلُ عَمَلَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: يُرْوَى بِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُمَا لُغَتَانِ صَحِيحَتَانِ، وَأَنْكَرَ الْخَلِيلُ التَّشْدِيدَ وَمَعْنَاهُ لَمْ أَرَ شَيْئًا يَعْمَلُ عَمَلَهُ وَيَقْطَعُ قَطْعَهُ، وَأَصْلُ الْفَرْيِ بِالْإِسْكَانِ الْقَطْعُ. تَقُولُ الْعَرَبُ: تَرَكْتُهُ يَفْرِي الْفَرْيَ إِذَا عَمِلَ الْعَمَلَ فَأَجَادَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . الْمَفْهُومُ مِنَ الرِّيَاضِ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى لِمُسْلِمٍ وَحْدَهُ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ لَهُمَا، وَلِأَحْمَدَ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: (يَفْرِي فَرْيَهُ) . (حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ) . وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ: رَأَيْتُ أَنِّي أَنْزِعُ عَلَى حَوْضٍ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ مِنْ يَدِي فَنَزَعَ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، فَأَمَّا ابْنُ الْخَطَّابِ فَأَخَذَهَا حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ وَالْحَوْضُ يَتَفَجَّرُ. أَخْرَجَاهُ وَأَحْمَدُ. وَلِلْحَدِيثِ مُنَاسَبَةٌ لِبَابِ مَنَاقِبِ الشَّيْخَيْنِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهِ زِيَادَةُ مَدْحٍ لِعُمَرَ خَصَّهُ الْمُصَنِّفُ بِبَابِ مَنَاقِبِهِ.

الْفَصْلُ الثَّانِي
6042 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» ) . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّانِي
6042 - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ» ) ، أَيْ: أَظْهَرَهُ وَوَضَعَهُ (عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: ضَمَّنَ جَعَلَ مَعْنَى أَجْرَى فَعَدَّاهُ بِعَلَى، وَفِيهِ مَعْنَى ظُهُورِ الْحَقِّ وَاسْتِعْلَائِهِ عَلَى لِسَانِهِ، وَفِي مَوْضِعِ الْجَعْلِ مَوْضِعَ أَجْرَى إِشْعَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ خُلُقًا ثَابِتًا مُسْتَقِرًّا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . أَيْ: وَصَحَّحَهُ، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَقَلْبِهِ، يَقُولُ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا، وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْحَقَّ عَلَى قَلْبِ عُمَرَ وَلِسَانِهِ أَخْرَجَهُمَا الْبَغَوِيُّ فِي (الْفَضَائِلِ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3898
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست