responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3897
قَالَ الْعُلَمَاءُ بَيْنَ عَالَمِ الْأَجْسَامِ وَعَالَمِ الْأَرْوَاحِ عَالَمٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ عَالَمُ الْمِثَالِ، وَهُوَ عَالَمٌ نُورَانِيٌّ شَبِيهٌ بِالْجُسْمَانِيِّ، وَالنَّوْمُ سَبَبٌ لِسَيْرِ الرُّوحِ الْمُنَوَّرِ فِي عَالَمِ الْمِثَالِ، وَرُؤْيَةِ مَا فِيهِ مِنَ الصُّوَرِ غَيْرِ الْجَسَدَانِيَّةِ، وَالْعِلْمُ مُصَوَّرٌ بِصُوَرِ اللَّبَنِ فِي ذَلِكَ الْعَالَمِ بِمُنَاسَبَةِ أَنَّ اللَّبَنَ أَوَّلُ غِذَاءِ الْبَدَنِ وَسَبَبُ صَلَاحِهِ، وَالْعِلْمَ أَوَّلُ غِذَاءِ الرُّوحِ وَسَبَبُ صَلَاحِهِ. وَقِيلَ: التَّجَلِّي الْعِلْمِيُّ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ: الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَالْخَمْرِ وَالْعَسَلِ، تَنَاوَلَتْهَا آيَةٌ فِيهَا ذُكِرَتْ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، فَمَنْ شَرِبَ الْمَاءَ يُعْطَى الْعِلْمَ اللَّدُنِّيَّ، وَمَنْ شَرِبَ اللَّبَنَ يُعْطَى الْعِلْمَ بِأَسْرَارِ الشَّرِيعَةِ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ يُعْطَى الْعِلْمَ بِالْكَمَالِ، وَمَنْ شَرِبَ الْعَسَلَ يُعْطَى الْعِلْمَ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: إِنَّ الْأَنْهَارَ الْأَرْبَعَةَ عِبَارَةٌ عَنِ الْخُلَفَاءِ، وَيُطَابِقُهُ تَخْصِيصُ اللَّبَنِ بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَمَّا الرِّيُّ فِي الْعِلْمِ ; فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِوُجُودِهِ لِأَنَّ الِاسْتِعْدَادَ مُتَنَاهٍ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَمْ يُقْبَلْ فَيَحْصُلُ الرِّيُّ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ مَعَهُمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِعَدَمِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] فَالْأَمْرُ بِطَلَبِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ بِلَا ذِكْرِ النِّهَايَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَهِي، وَلِذَا قِيلَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي زِيَادَةٍ فَهُوَ فِي نُقْصَانٍ، وَإِنَّ التَّوَقُّفَ لَيْسَ فِي طَوْرِ الْإِنْسَانِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ: ( «مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ طَالِبُ الْعِلْمِ وَطَالَبُ الدُّنْيَا» ) . وَمِنْهُ مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْبَسْطَامِيِّ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ السَّامِيَ أَنَّهُ قَالَ:
شَرِبْتُ الْحُبَّ كَأْسًا بَعْدَ كَأْسٍ ... فَمَا نَفِدَ الشَّرَابُ وَلَا رَوِيتُ.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ دَلِيلِ الْأَوَّلِينَ بِأَنَّ الْعِلْمَ إِذَا حَصَلَ بِقَدْرِ الِاسْتِعْدَادِ الْقَابِلِ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى اسْتِعْدَادًا لِعِلْمٍ آخَرَ فَيَحْصُلُ لَهُ عَطَشٌ آخَرُ، وَعَنْ هَذَا قِيلَ: طَالِبُ الْعِلْمِ كَشَارِبِ الْبَحْرِ، كَمَا كُلَّمَا ازْدَادَ شُرْبًا ازْدَادَ عَطَشًا. وَعَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْبِدَايَةِ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ النِّهَايَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَلِهَذَا بَلَغَ عِلْمُهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ، وَوُضِعَ عِلْمُ عُمَرَ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ عِلْمُ عُمَرَ، وَلَقَدْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ ذَهَبَ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ.

6040 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ( «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ؟ فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ مِنْهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6040 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ( «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ» ) أَيْ: بِئْرٍ لَمْ تُطْوَ وَضِدُّهَا الْمَطْوِيَّةُ بِالْحِجَارَةِ وَالْآجُرِّ (عَلَيْهَا) أَيْ: فَوْقَهَا (دَلْوٌ) أَيْ: وَدَلْوٌ مُعَلَّقَةٌ عَلَيْهَا (فَنَزَعْتُ) أَيْ: جَذَبْتُ مِمَّا فِيهَا (مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ) ، أَيْ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ وَقَضَاهُ (ثُمَّ أَخَذَهَا) أَيِ: الدَّلْوَ (ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ) : بِضَمِّ الْقَافِ (فَنَزَعَ مِنْهَا ذَنُوبًا) : بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الدَّلْوُ وَفِيهَا مَاءٌ، أَوِ الْمَلْأَى أَوْ دُونَ الْمَلْأَى كَذَا فِي الْقَامُوسِ. (أَوْ ذَنُوبَيْنِ) : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ ذَنُوبَيْنِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ (أَوْ) بِمَعْنَى (بَلْ) فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى تَخْطِئَةِ الرَّاوِي وَلَا إِلَى شَكِّهِ وَتَرَدُّدِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذِكْرِهِمَا إِشَارَةً إِلَى قِلَّتِهِ مَعَ عَدَمِ النَّظَرِ عَنْ تَحَقُّقِ عَدَدِهِ. (وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ) ، جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ دُعَائِيَّةٌ وَقَعَتِ اعْتِرَاضِيَّةً مُبَيِّنَةً أَنَّ الضَّعْفَ الَّذِي وُجِدَ فِي نَزْعِهِ لِمَا يَقْتَضِيهِ تَغَيُّرُ الزَّمَانِ وَقِلَّةُ الْأَعْوَانِ غَيْرُ رَاجِعٍ إِلَيْهِ بِنَقِيضِهِ (ثُمَّ اسْتَحَالَتْ) أَيِ: انْقَلَبَتِ الدَّلْوُ الَّتِي كَانَتْ ذَنُوبًا (غَرْبًا) : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ دَلْوًا عَظِيمَةً عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَزَادَ ابْنُ الْمَلَكِ: الَّتِي تُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِ ثَوْرٍ، (فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا) : بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ رَجُلًا قَوِيًّا (مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ) : بِكَسْرِ الزَّايِ (نَزْعَ عُمَرَ) أَيْ: جَبْذَهُ وَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ (حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ) ، بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ حَتَّى أَرْوَوْا إِبِلَهُمْ فَأَبْرَكُوهَا وَضَرَبُوا لَهَا عَطَنًا وَهُوَ مَبْرَكُ الْإِبِلِ حَوْلَ الْمَاءِ. قَالَ الْقَاضِي: لَعَلَّ الْقَلِيبَ إِشَارَةٌ إِلَى الدِّينِ الَّذِي هُوَ مَنْبَعُ مَا بِهِ تَحْيَا النُّفُوسُ وَيَتِمُّ أَمْرُ الْمَعَاشِ، وَنَزْعُ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ يَنْتَهِي مِنَ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَمِنْهُ إِلَى عُمَرَ، وَنَزْعُ أَبِي بَكْرٍ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ إِشَارَةٌ إِلَى قِصَرِ مُدَّةِ خِلَافَتِهِ، وَأَنَّ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3897
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست