responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3341
5331 - وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «مَنْ صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ» ". رَوَاهُمَا أَحْمَدُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5331 - (وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " مَنْ صَلَّى يُرَائِي ") أَيْ: مُرَائِيًا (" فَقَدْ أَشْرَكَ ") ، أَيْ: شِرْكًا خَفِيًّا كَمَا سَيَجِيءُ مُصَرَّحًا فِيمَا يَلِيهِ مِنْ حَدِيثِهِ، (" وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ ") فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الرِّيَاءَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الصِّيَامِ أَيْضًا، خِلَافًا لِمَنْ نَفَاهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ مَدَارَ الصَّوْمِ عَلَى النِّيَّةِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا الرِّيَاءُ، وَلَا عِبْرَةَ بِعَدَمِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ الطَّوِيَّةِ، فَإِنَّا نَقُولُ: الرِّيَاءُ الْمَحْضُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الصَّوْمِ، لَكِنَّ الرِّيَاءَ قَدْ يُوجَدُ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاكِ، بِأَنْ يُرِيدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، يُرِيدُ بِهِ أَيْضًا التَّشْهِيرَ أَوْ غَرَضًا سِوَاهُ، سَوَاءٌ يَكُونُ الْمَقْصِدَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ مُتَقَابِلَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ الْمَرَامِ فِي كَلَامِ حُجَّةِ الْإِسْلَامِ. (" وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ ". رَوَاهُمَا) أَيِ: الْحَدِيثَيْنِ (أَحْمَدُ) .

5332 - وَعَنْهُ، «أَنَّهُ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: شَيْءٌ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ، فَذَكَرْتُهُ، فَأَبْكَانِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي مِنَ الشِّرْكِ وَالشَّهْوَةِ الْخَفِيَّةِ "، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتُشْرِكُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ، أَمَا إِنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ شَمْسًا، وَلَا قَمَرًا، وَلَا حَجَرًا، وَلَا وَثَنًا، وَلَكِنْ يُرَاؤُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ أَنْ يُصْبِحَ أَحَدُهُمْ صَائِمًا، فَتَعْرِضَ لَهُ شَهْوَةٌ مِنْ شَهَوَاتِهِ فَيَتْرُكَ صَوْمَهُ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5332 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ شَدَّادٍ (أَنَّهُ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: شَيْءٌ) أَيْ: يُبْكِينِي شَيْءٌ (سَمِعْتُ) أَيْ: سَمِعْتُهُ (مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِيهِ اسْتِعْمَالُ مِنْ عَلَى أَصْلِهِ (يَقُولُ) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ قَائِلًا، وَفِيهِ نَوْعٌ مِنَ التَّأْكِيدِ (فَذَكَرْتُهُ) أَيِ: الْمَسْمُوعَ أَوِ الْمَقُولَ (فَأَبْكَانِي) أَيْ: فَصَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِحُزْنِي وَبُكَائِي، وَفِيهِ نَوْعٌ مِنَ الْإِجْمَالِ ; وَلِذَا اسْتَأْنَفَ بَيَانَهُ فَقَالَ: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " أَتَخَوَّفُ " قَالَ الرَّاغِبُ: الْخَوْفُ تَوَقُّعُ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ عَنْ أَمَارَةٍ مَظْنُونَةٍ أَوْ مَعْلُومَةٍ، وَالتَّخَوُّفُ ظُهُورُ الْخَوْفِ مِنَ الْإِنْسَانِ، انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّاءَ لِلْمُبَالَغَةِ، وَالْمَعْنَى أَخَافُ خَوْفًا كَثِيرًا (عَلَى أُمَّتِي الشِّرْكَ) أَيِ: الْخَفِيَّ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ تَقْدِيرِنَا مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: «أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ» . (" وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ ") .
أَيِ الَّتِي لَا يُدْرِكُهَا إِلَّا أَصْحَابُ الرِّيَاضَاتِ الرَّضِيَّةِ، وَالْمُجَاهَدَاتِ الْقُدْسِيَّةِ، وَالْمُخَالَفَاتِ النَّفْسِيَّةِ. (قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتُشْرِكُ) : بِالتَّذْكِيرِ وَتُؤَنَّثُ (أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ. أَمَا ") : بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِهِ الشِّرْكَ الْجَلِيَّ (" إِنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا حَجَرًا وَلَا وَثَنًا ") أَيْ: وَلَا صَنَمًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ (" وَلَكِنْ يُرَاؤُونَ بِأَعْمَالِهِمْ ") : وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] . (" وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ أَنْ يُصْبِحَ أَحَدُهُمْ صَائِمًا ") ، أَيْ: نَاوِيًا لِلصَّوْمِ (" فَتَعْرِضَ ") : بِكَسْرِ الرَّاءِ مَرْفُوعًا وَمَنْصُوبًا أَيْ: فَتَظْهَرُ (" لَهُ شَهْوَةٌ مِنْ شَهَوَاتِهِ ") أَيْ: كَالْأَكْلِ، وَالْجِمَاعِ، وَغَيْرِهِمَا، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهْوَةِ الْخَفِيَّةِ شَهْوَةٌ خَاصَّةٌ عَزِيزَةُ الْوُجُودِ مِنْ بَيْنِ مُشَبَّهَاتِهِ بِحَيْثُ لَا تُوجَدُ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِهِ فَيَمِيلُ إِلَيْهَا بِالطَّبْعِ، وَلَا يُلَاحِظُ مُخَالَفَتَهُ لِلشَّرْعِ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَالنَّقْلُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فَيَجِبُ إِتْمَامُهُ (" فَيَتْرُكَ صَوْمَهُ ") أَيْ: وَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ إِلَيْهِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَعْنِي إِذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي طَاعَةٍ مِنْ طَاعَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَعْرِضُ لَهُ شَهْوَةٌ مِنْ شَهَوَاتِ نَفْسِهِ، يُرَجِّحُ جَانِبَ النَّفْسِ عَلَى جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَتْبَعُ هَوَى نَفْسِهِ فَيُؤَدِّيهِ ذَلِكَ إِلَى الْهَلَاكِ وَالرَّدَى. قَالَ تَعَالَى {فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 37] اهـ.
وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْهَوَى فِي الْآيَةِ الشَّهْوَةُ الْجَلِيَّةُ، وَهِيَ الْمُحَرَّمَاتُ وَالْأُمُورُ الْمَنْهِيَّةُ، ثُمَّ قَالَ: وَسُمِّيَ خَفِيًّا لِخَفَاءِ هَلَاكِهِ أَوْ مَشَاكِلِهِ لِقَوْلِهِ: الشِّرْكَ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي، انْتَهَى. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْمُشَاكَلَةِ، لَا فِي الْإِطْلَاقِ، وَلَا فِي التَّقْيِيدِ بِحَسَبِ الْمُقَابَلَةِ، (رَوَاهُ أَحْمَدُ) أَيْ: فِي مُسْنَدِهِ (وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ") . قَالَ مِيرَكُ: رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَفِي الْجَامِعِ: الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ وَالرِّيَاءُ شِرْكٌ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَدَّادٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ، وَلَفْظُهُ: " «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ: يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا وَثَنًا وَلَكِنْ أَعْمَالًا لِغَيْرِ اللَّهِ وَشَهْوَةً خَفِيَّةً» ".

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3341
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست