responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3340
وَقَالَ الْغَزَّالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَلِيُّ مَنْ كُوشِفَ بِبَعْضِ الْمُغَيَّبَاتِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِإِصْلَاحِ النَّاسِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ، إِذْ أَكْثَرُ الْأَوْلِيَاءِ لَا سِيَّمَا مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمْ كَرَامَةٌ وَكَشْفُ حَالَةٍ، بِخِلَافِ بَعْضِ الْخَلَفِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَقِيلَ: لِقُوَّةِ قُلُوبِ الْأَوَّلِينَ وَضَعْفِ دِينِ الْآخِرِينَ؛ وَلِأَنَّ الْأَوْلِيَاءَ وَهُمُ الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ، لَا شَكَّ أَنَّهُمْ كَامِلُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ، مُكَمِّلُونَ لِغَيْرِهِمْ، فَهُمُ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ، وَالْوَاعِظُونَ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِهَا سِوَاهُ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْحَدِيثُ بِقَوْلِهِ: مَصَابِيحُ الْهُدَى، فَطُوبَى لِمَنْ بِهِمُ اقْتَدَى وَبِنُورِهِمُ اسْتَضَاءَ وَاهْتَدَى، فَالْأَقْرَبُ فِي مَعْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مِنْ أَنَّ الْوَلِيَّ إِمَّا فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، وَهُوَ مَنْ يَتَوَلَّى اللَّهُ حِفْظَهُ وَحِرَاسَتَهُ عَلَى التَّوَالِي، أَوْ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ، أَيْ: مَنْ يَتَوَلَّى عِبَادَةَ اللَّهِ وَطَاعَتَهُ، وَيَتَوَالَى عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ مَعْصِيَةٍ، وَكِلَا الْوَصْفَيْنِ شَرْطٌ فِي الْوِلَايَةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ (أَوْ) لِلتَّنْوِيعِ، وَإِيمَاءٌ فِي الْأَوَّلِ إِلَى الْمَجْذُوبِ السَّالِكِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمُرَادِ، وَفِي الثَّانِي إِلَى السَّالِكِ الْمَجْذُوبِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمُرِيدِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِمَا سُبْحَانَهُ فِي قَوْلِهِ: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13] وَتَحْقِيقُهُ أَنْ يُقَالَ: الْوَلِيُّ هُوَ مَنْ يَتَوَلَّى اللَّهُ بِذَاتِهِ أَمْرَهُ، فَلَا تَصَرُّفَ لَهُ أَصْلًا إِذْ لَا وُجُودَ لَهُ، وَلَا ذَاتَ، وَلَا فِعْلَ، وَلَا وَصْفَ، فَهُوَ الْفَانِي بِيَدِ الْبَاقِي، كَالْمَيِّتِ بَيْنَ يَدَيِ الْغَاسِلِ، يَفْعَلُ بِهِ مَا يَشَاءُ حَتَّى يَمْحُو رَسْمَهُ وَاسْمَهُ، وَيَمْحُو عَيْنَهُ وَأَثَرَهُ، وَيُحْيِيهِ بِحَيَاتِهِ، وَيُبْقِيهِ بِبَقَائِهِ، وَيُوصِلَهُ إِلَى لِقَائِهِ.

5329 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فِي الْعَلَانِيَةِ فَأَحْسَنَ، وَصَلَّى فِي السِّرِّ فَأَحْسَنَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا عَبْدِي حَقًّا» ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5329 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فِي الْعَلَانِيَةِ فَأَحْسَنَ) ، أَيْ: فِي أَدَاءِ صَلَاتِهِ بِالْقِيَامِ بِشَرَائِطِهِ، وَوَاجِبَاتِهِ، وَسُنَنِهِ، وَمُسْتَحَبَّاتِهِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ طَاعَاتِهِ وَعِبَادَاتِهِ (" وَصَلَّى فِي السِّرِّ ") أَيْ: فِي الْخَلْوَةِ عَنِ الْخَلْقِ (" فَأَحْسَنَ ") أَيْ: عَمَلَهُ اكْتِفَاءً بِنَظَرِ الْحَقِّ (" قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا ") أَيِ: الْعَبْدُ (" عَبْدِي ") أَيِ: الْمُخْلِصُ لِي (" حَقًّا ") أَيْ: صِدْقًا، خَالِيًا عَنْ أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ فِي الْعَلَانِيَةِ نِفَاقًا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّرَفُ فِي حَثِّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلِّيَ السُّنَنَ وَالنَّوَافِلَ فِي الْبَيْتِ. (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) .

5330 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ، إِخْوَانُ الْعَلَانِيَةِ، أَعْدَاءُ السَّرِيرَةِ ". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: ذَلِكَ بِرَغْبَةِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ، وَرَهْبَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ» ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5330 - (وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " يَكُونُ ") أَيْ: يُوجَدُ وَيَحْدُثُ (" فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ ") أَيْ: جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ مُؤْتَلِفَةٌ (" إِخْوَانُ الْعَلَانِيَةِ، أَعْدَاءُ السَّرِيرَةِ ") . أَيْ: أَحِبَّاءٌ فِي الظَّوَاهِرِ وَأَعْدَاءٌ فِي السَّرَائِرِ، ذَكَرَهُمَا مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ عَلَى سَبِيلِ التَّعْدَادِ، أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْخَبَرِ بَعْدَ الْخَبَرِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (فِي) مُقَدَّرَةٌ فِيهَا، وَفِي قَرِينَتِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: السِّرُّ مَا يُكْتَمُ، وَالسَّرِيرَةُ مِثْلُهُ (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟) أَيْ: مَا ذُكِرَ وَمَا يَكُونُ سَبَبُهُ؟ (قَالَ: " ذَلِكَ بِرَغْبَةِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ ") أَيْ: بِسَبَبِ طَمَعِ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ إِلَى أُخْرَى (" وَرَهْبَةِ بَعْضِهِمْ ") أَيْ: خَوْفِهِمْ (" مِنْ بَعْضٍ ") ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْحُبِّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضِ فِي اللَّهِ، بَلْ أُمُورُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ، وَالْمَقَاصِدِ الْكَاسِدَةِ، فَتَارَةً يَرْغَبُونَ فِي قَوْمٍ لِأَغْرَاضٍ فَيُظْهِرُونَ لَهُمُ الصَّدَاقَةَ، وَتَارَةً يَكْرَهُونَ قَوْمًا لِعِلَلٍ فَيُظْهِرُونَ لَهُمُ الْعَدَاوَةَ، وَخُلَاصَتُهُ: أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَحَبَّةِ الْخَلْقِ وَعَدَاوَتِهِمْ، فَإِنَّهُمَا مَبْنِيَّتَانِ عَلَى غَرَضِهِمْ وَشَهْوَتِهِمْ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3340
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست