responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3172
5070 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ ". وَفِي رِوَايَةٍ: " الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5070 - (وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ» ) أَيْ: لَا يُغْرِي الْإِنْسَانَ إِلَّا بِخَيْرٍ. وَالْحَيَاءُ تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ وَيُذَمُّ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَدْ يُشْكِلُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ صَاحِبَ الْحَيَاءِ قَدْ يَسْتَحِي أَنْ يُوَاجِهَ بِالْحَقِّ مَنْ يُجِلُّهُ وَيُعَظِّمُهُ، فَيَتْرُكُ أَمْرَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيَهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ يَحْمِلُهُ الْحَيَاءُ عَلَى الْإِخْلَالِ بِبَعْضِ الْحُقُوقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْعَادَةِ، وَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ: الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ هَذَا الْمَانِعَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَيْسَ حَيَاءً حَقِيقَةً، بَلْ هُوَ عَجْزٌ وَخَوْرٌ، وَتَسْمِيَتُهُ حَيَاءً، بِحَسَبِ اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ الْحَيَاءِ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ الْقَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ عَنِ السَّيِّدِ الْجَلِيلِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ. قَالَ: الْحَيَاءُ رُؤْيَةُ الْآلَاءِ، وَرُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى الْحَيَاءَ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ: إِنَّمَا جُعِلَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَخَلُّقًا وَاكْتِسَابًا كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَقَدْ يَكُونُ غَرِيزَةً، وَلَكِنَّ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى قَانُونِ الشَّرْعِ يَحْتَاجُ إِلَى اكْتِسَابٍ وَنِيَّةٍ وَعِلْمٍ، وَهَذَا الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ» ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ التَّعْرِيفُ فِيهِ عَلَى الْعَهْدِ، وَيَكُونُ إِشَارَةً إِلَى مَا وَرَدَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الِاسْتِحْيَاءُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى» " الْحَدِيثَ اهـ. وَهُوَ مَعْنًى حَسَنٌ وَقَيْدٌ مُسْتَحْسَنٌ يَزُولُ بِهِ الْإِشْكَالُ السَّابِقُ، وَبَيَانُهُ أَنَّ الْحَيَاءَ مِنَ اللَّهِ هُوَ الَّذِي خَيْرٌ كُلُّهُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْإِيمَانِ، وَأَمَّا الْحَيَاءُ مِنَ الْخُلُقِ فَالْغَالِبُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَحْمُودًا، فَالْحَصْرُ ادِّعَائِيٌّ أَوْ كُلُّهُ مَحْمُودٌ إِلَّا إِذَا عَارَضَهُ تَرْكُ الْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ، فَيَتْرُكُ جَانِبَهُ مِنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ وَيُرَاعِي جَانِبَ الْمَخْلُوقِ، فَحِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْحَيَاءُ أَنْ لَا يُسَمَّى حَيَاءً فَالْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي رِوَايَةٍ) أَيْ: لَهُمَا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ فِي الْجَامِعِ أَسْنَدَهَا إِلَى مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ (الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ) : قِيلَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ أَيِ: الْحَيَاءُ عَنْ فِعْلِ مَا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ قُرَّةَ: الْحَيَاءُ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ.

5071 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5071 - (وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ) : هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عُمَرَ الْأَنْصَارِيُّ شَهِدَ الْعَقَبَةَ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ بَشِيرٌ وَخَلْقٌ سِوَاهُ قَالَ مِيرَكُ: وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ غَلَطٌ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ) : بِالرَّفْعِ نَصَّ الْكَازْرُونِيُّ عَلَى أَنَّهُ الرِّوَايَةُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ أَيْ: مِمَّا وَصَلَ إِلَيْهِمْ وَظَفِرُوا بِهِ وَلَحِقُوهُ (مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ) : (مِنْ) تَبْعِيضِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَخْبَارِ أَصْحَابِ النُّبُوَّةِ (الْأُولَى) أَيِ: السَّابِقَةِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَضَافَهُ إِلَيْهِمْ إِعْلَامًا بِأَنَّهُ مِنْ نَتَائِجِ الْوَحْيِ (إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ) : بِسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْيَاءِ وَحَذْفِ الثَّانِيَةِ لِلْجَزْمِ (فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) أَيِ: الرَّادِعُ عَمَّا لَا يَنْبَغِي هُوَ الْحَيَاءُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ صَدَرَ كُلُّ مَا لَا يَنْبَغِي فَالْأَمْرُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ أَوِ الْأَمْرُ لِلتَّهْدِيدِ وَأَنْشَدَ:
إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي ... وَلَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ
فَلَا وَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ ... وَفِي الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الْحَيَاءُ
قَالَ الطِّيبِيُّ: مَنْ فِي مِمَّا ابْتِدَائِيَّةٌ، وَهُوَ خَبَرُ إِنَّ وَاسْمُهُ قَوْلُهُ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ عَلَى تَأْوِيلِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ حَاصِلٌ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ، وَالرَّاجِعُ إِلَى مَا مَحْذُوفٌ وَالنَّاسُ فَاعِلُ أَدْرَكَ، وَعَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخِ التُّورِبِشْتِيِّ حَيْثُ قَالَ: الْمَعْنَى أَنَّ مِمَّا بَقِيَ بَيْنَ النَّاسِ وَأَدْرَكُوهُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلَ أَدْرَكَ الضَّمِيرُ الرَّاجِعُ إِلَى " مَا " وَالنَّاسُ مَفْعُولُهُ، وَعَلَيْهِ كَلَامُ الْقَاضِي أَيْ مِمَّا بَلَغَ النَّاسَ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّ الْحَيَاءَ هُوَ الْمَانِعُ مِنِ اقْتِرَافِ الْقَبَائِحِ وَالِاشْتِغَالِ بِمَنْهِيَّاتِ الشَّرْعِ وَمُسْتَحَبَّاتِ الْعَقْلِ، وَقَوْلُهُ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ اسْمُ إِنَّ عَلَى الْحِكَايَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ، قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى مَعْنَاهُ اتِّفَاقُ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى اسْتِحْسَانِ الْحَيَاءِ فَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ نَدَبَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُنْسَخْ فِيمَا نُسِخَ مِنْ شَرَائِعِهِمْ، وَلَمْ يُبَدَّلْ فِيمَا بُدِّلَ مِنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ عُلِمَ صَوَابُهُ وَبَانَ فَضْلُهُ، وَاتَّفَقَتِ الْعُقُولُ عَلَى حُسْنِهِ، وَمَا كَانَ هَذَا صِفَةً لَهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ النَّسْخُ وَالتَّبْدِيلُ، وَقَيَّدَ النُّبُوَّةَ بِالْأُولَى لِلْإِرْشَادِ إِلَى اتِّفَاقِ كَلِمَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست