responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3134
الْمَحَبَّةِ، فَلَا يَتَحَابُّونَ إِلَّا لِأَجْلِي وَلِوَجْهِي. قُلْتُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ وَالتَّقْدِيرِ بِجَلَالِي وَجَمَالِي أَيِ: الْمُتَحَابُّونَ لِي أَيْ: فِي حَالَتَيِ الْقَبْضِ وَالْبَسْطِ، وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَالْمِحْنَةِ وَالْمِنْحَةِ، فَيُفِيدُ دَوَامَ تَحَابِيهِمْ (الْيَوْمَ) : قَالَ شَارِحٌ: ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِأَيْنَ. قُلْتُ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ: (أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي) أَيْ: أُدْخِلُهُمْ فِي ظِلِّ حِمَايَتِي، أَوْ أُرِيحُهُمْ مِنْ حَرَارَةِ الْمَوْقِفِ رَاحَةَ مَنِ اسْتَظَلَّ أَوْ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّ عَرْشِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: " «الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى كَرَاسِيٍّ مِنْ يَاقُوتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ» " وَقَوْلُهُ: (يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي) : بَدَلٌ مِنَ الْيَوْمِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا قَالَ الطِّيبِيُّ، أَوْ مَنْصُوبٌ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ الْقَاضِي: الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي ظِلِّ اللَّهِ عَنِ الْحَرِّ وَوَهَجِ الْمَوْقِفِ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ فِي كَنَفِهِ وَسِتْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنِ الرَّاحَةِ وَالتَّنْعِيمِ يُقَالُ: هُوَ فِي عَيْشٍ ظَلِيلٍ أَيْ: طَيِّبٍ. ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَأَوْسَطُ الْأَقْوَالِ هُوَ الْأَوْسَطُ، إِذْ لَا يَصِحُّ إِسْنَادُ الظِّلِّ حَقِيقَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ بِارْتِكَابِ الْمَجَازِ أَوْ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَمَا أَبْعَدَ الِاحْتِمَالَ الْأَخِيرَ، إِذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ أُنْعِمُهُمْ فِي نِعْمَتِي، وَلَكِنَّ التَّقْلِيدَ مُتَغَلِّبٌ عَلَى الْأُمِّيِّ وَحُبُّ الشَّيْءِ يُصِمُّ وَيُعْمِي. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا أَحْمَدُ.

5007 - وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُّبُّهَا؟ قَالَ: لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5007 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ) أَيْ: أَرَادَ زِيَارَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ أَوْ مُتَوَاخِيهِ فِي اللَّهِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَخَاهُ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا (فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى) أَيْ: غَيْرِ مَكَانِ الزَّائِرِ (فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ) أَيْ: أَعَدَّ وَهَيَّأَ أَوْ أَقْعَدَ فِي طَرِيقِهِ (مَلَكًا) : وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ: وَكَّلَهُ بِحِفْظِ مَدْرَجَتِهِ يُقَالُ: رَصَدْتُهُ إِذْ قَعَدْتَ لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ تَتَرَقَّبُهُ اهـ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] فِيهِ تَجْرِيدٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مُرَاقِبٌ لِلْعِبَادِ، قَالَ: الْمَدْرَجَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ هِيَ الطَّرِيقُ سُمِّيَ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ النَّاسَ يُدْرَجُونَ عَلَيْهَا أَيْ: يَمْضُونَ وَيَمْشُونَ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَدْرَجَةَ مِنَ الطَّرِيقِ مَكَانٌ مُرْتَفِعٌ يَمْشِي فِيهِ دَرَجَةً دَرَجَةً فِي الطُّلُوعِ وَالنُّزُولِ، وَمِنْهُ مَدْرَجَةُ مِنًى الَّتِي هِيَ وَصْلَةٌ إِلَى مِنًى يَعْرِفُهَا مَنْ ذَهَبَ فِي طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ إِلَى عَرَفَاتِ الْهَنَا مِنْ هُنَا. (قَالَ) : اسْتِئْنَافُ جَوَابٍ لِمَنْ قَالَ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَيِ: الْمَلَكُ لِلزَّائِرِ. (أَيْنَ تُرِيدُ؟) : الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ تَجَاهُلِ الْعَارِفِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ النُّورِيَّةِ حَيْثُ إِنَّ مَقْصُودَهُ الْأَصْلِيَّ مَنْ تُرِيدُ، وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ ذِكْرَهُ وَالْإِنَاءُ يَتَرَشَّحُ بِمَا فِيهِ. (قَالَ) : أَيِ: الزَّائِرُ (أُرِيدَ أَخًا) أَيْ: زِيَارَةَ أَخٍ (لِي) أَيْ: مُخْتَصًّا لِي (فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ) : وَلَعَلَّ تَعْيِينَهَا عُلِمَ بِالْإِشَارَةِ. وَأَطْنَبَ فِي الْكَلَامِ ; لِيَتَضَمَّنَ الْمَرَامَ عَلَى نَوْعٍ مِنْ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: لَا تَسْأَلْ عَنِ الْمَحَلِّ وَاكْتَفِ بِالسُّؤَالِ عَنِ الْحَالِ، فَإِنَّ هَذَا طَرِيقُ أَرْبَابِ الْحَالِ بِلَا مُحَالٍ.
قَالَ الطِّيبِيُّ، فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ طَابَقَ هَذَا سُؤَالَهُ بِقَوْلِهِ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: مِنْ حَيْثُ إِنَّ السُّؤَالَ مُتَضَمِّنٌ لِقَوْلِهِ أَيْنَ تَتَوَجَّهُ وَمَنْ تَقْصِدُ، وَلَمَّا كَانَ قَصْدُهُ الْأَوْلَى الزِّيَارَةَ ذَكَرَهُ وَتَرَكَ مَا لَا يُهِمُّهُ. قُلْتُ: هَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ لَوْ لَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: " {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 83] " لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ مِنَ السُّؤَالِ فِي اسْتِعْجَالِهِ إِنْكَارَ تَرْكِهِ الْقَوْمَ وَرَاءَهُ وَتَقَدُّمَهُ عَلَيْهِمْ قَدَّمَهُ فِي الْجَوَابِ، وَأَخَّرَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ. قُلْتُ: فِي كَوْنِهِ نَظِيرًا لَهُ نَظَرٌ، بَلْ مِثَالٌ لَهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَتَوْضِيحُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى} [طه: 83] سُؤَالٌ عَنْ سَبَبِ الْعَجَلَةِ يَتَضَمَّنُ إِنْكَارَهَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا نَقِيصَةٌ فِي نَفْسِهَا انْضَمَّ إِلَيْهَا إِغْفَالُ الْقَوْمِ وَإِبْهَامُ التَّعْظِيمِ عَلَيْهِمْ، فَلِذَلِكَ أَجَابَ مُوسَى عَنِ الْأَمْرَيْنِ، وَقَدَّمَ جَوَابَ الْإِنْكَارِ ; لِأَنَّهُ أَهَمُّ {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي} [طه: 84] أَيْ: مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ إِلَّا بِخُطًا يَسِيرَةٍ لَا يُعْتَدُّ بِهَا عَادَةً، وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ إِلَّا مَسَافَةٌ قَرِيبَةٌ يَتَقَدَّمُ بِهَا الرُّفْقَةُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84] ، فَإِنَّ الْمُسَارَعَةَ إِلَى امْتِثَالِ أَمْرِكَ وَالْوَفَاءِ بِوَعْدِكَ يُوجِبُ مَرْضَاتَكَ اهـ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست