responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3135
(قَالَ) أَيِ: الْمَلَكُ لِلزَّائِرِ (هَلْ لَكَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمَزُورِ (مِنْ نِعْمَةٍ تَرُّبُّهَا؟) : بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدِّدَةِ أَيْ: تَقُومُ بِإِصْلَاحِهَا وَإِتْمَامِهَا أَيْ: هَلْ هُوَ مَمْلُوكُكَ أَوْ وَلَدُكَ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّنْ هُوَ فِي نَفَقَتِكَ وَشَفَقَتِكَ ; لِتُحْسِنَ إِلَيْهِ مِنْ رَبَّ فُلَانٌ الضَّيْعَةَ أَيْ: أَصْلَحَهَا وَأَتَمَّهَا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: هَلْ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا أَيْ: تَقُومُ لِشُكْرِهَا؟ ثُمَّ قِيلَ: نِعْمَةٌ: مُبْتَدَأٌ، وَمِنْ زَائِدَةٌ، وَلَكَ خَبَرُهُ، وَعَلَيْهِ، مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: هَلْ لَكَ نِعْمَةٌ دَاعِيَةٌ عَلَى زِيَارَتِهِ تَرُبُّهَا أَيْ: تَحْفَظُهَا وَتَتَزَيَّدُهَا بِالْقِيَامِ عَلَى شُكْرِهَا؟ وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ: هَلْ أَوْجَبْتَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ تَذْهَبُ إِلَيْهَا فَتَرُبُّهَا أَيْ: تَمْلِكُهَا مِنْهُ وَتَسْتَوْفِيَهَا؟ (قَالَ: لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ) أَيْ: لَيْسَ لِي دَاعِيَةٌ إِلَى زِيَارَتِهِ إِلَّا مَحَبَّتِي إِيَّاهُ فِي طَلَبِ مَرْضَاةِ اللَّهِ (قَالَ) أَيِ: الْمَلَكُ (فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ) : وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ كَمَا أَحَبَّهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ دُنْيَوِيٍّ، كَذَلِكَ الْحَقُّ أَحَبَّهُ مِنْ غَيْرِ بَاعِثٍ آخَرَ مِنْ عَمَلٍ أُخْرَوِيٍّ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ فَضْلُ الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ، وَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُبِّ اللَّهِ وَفَضِيلَةِ زِيَارَةِ الصَّالِحِينَ، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَرَى الْمَلَائِكَةَ. قُلْتُ: رُؤْيَةُ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى صُوَرِ الْبَشَرِ أَمْرٌ وَاضِحٌ ثَبَتَ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ هُنَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِرْسَالِ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ، وَمُخَاطَبَتِهِ إِيَّاهُمْ بِتَبْلِيغِ الْمَرَامِ زِيَادَةً عَلَى مَرْتَبَةِ الْإِلْهَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ تَحْقِيقًا لَخَتْمِ النُّبُوَّةِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

5008 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ: " الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5008 - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا» ) أَيْ: مِنَ الْعُلَمَاءِ أَوِ الصُّلَحَاءِ (وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟) أَيْ: بِالصُّحْبَةِ أَوِ الْعِلْمِ أَوِ الْعَمَلِ أَوْ بِمَجْمُوعِهِمَا أَيْ: لَمْ يُصَاحِبْهُمْ، وَلَمْ يُعَامَلْ مُعَامَلَتَهُمْ وَقِيلَ أَيْ: لَمْ يَرَهُمْ (فَقَالَ: " «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» ) أَيْ: يُحْشَرُ مَعَ مَحْبُوبِهِ، وَيَكُونُ رَفِيقًا لِمَطْلُوبِهِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 69] الْآيَةَ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْعُمُومُ الشَّامِلُ لِلصَّالِحِ وَالطَّالِحِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: " «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ» " كَمَا سَيَأْتِي، فَفِيهِ تَرْغِيبٌ وَتَرْهِيبٌ وَوَعْدٌ وَوَعِيدٌ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: " «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ، وَالشَّيْخَانِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَنَسٍ: " «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ وَلَهُ مَا اكْتَسَبَ» ".

5009 - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: " وَيْلَكَ! وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ ". قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: " أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ " قَالَ أَنَسٌ: فَمَا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ فَرِحُوا بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحَهُمْ بِهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5009 - (وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟» ) أَيْ: وَقْتُ قِيَامِ الْقِيَامَةِ، وَلَمَّا كَانَ السُّؤَالُ مُحْتَمِلًا لِأَنَّ يَكُونَ تَعَنُّتًا وَإِنْكَارًا لَهَا، وَأَنْ يَكُونَ تَصْدِيقًا بِهَا وَإِشْفَاقًا مِنْهَا وَاشْتِيَاقًا لِلِقَاءِ رَبِّهَا. (قَالَ) : امْتِحَانًا لَهُ (وَيْلَكَ! وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟) : وَإِلَّا لَوْ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيمَانُهُ بِهَا وَإِيقَانُهُ إِلَّا لَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ بَدَلَ وَيْلَكَ. (قَالَ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا إِلَّا أَنِّي أَحَبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) : وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ ; لِأَنَّهَا كُلُّهَا فُرُوعٌ لِلْمَحَبَّةِ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ أَعْلَمُ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ، وَأَعْلَى مَقَامَاتِ الطَّائِرِينَ، فَإِنَّهَا بَاعِثَةٌ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ أَوْ نَتِيجَةٌ لَهَا. قَالَ تَعَالَى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] وَقَالَ: " {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] " فَكَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ الْوَاضِحِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمَحَبَّةَ الْمُجَرَّدَةَ مِنْ غَيْرِ الْمُتَابَعَةِ لَيْسَ لَهَا كَثِيرُ فَائِدَةٍ وَلَا كَبِيرُ عَائِدَةٍ، (قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) أَيْ: مُلْحَقٌ بِمَنْ غَلَبَ مَحَبَّتُهُ عَلَى مَحَبَّةِ غَيْرِهِ مِنَ النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَمُدْخَلٌ فِي زُمْرَتِهِ، وَمِنْ عَلَامَةِ الْمَحَبَّةِ الصَّادِقَةِ أَنْ يَخْتَارَ أَمْرَ الْمَحْبُوبِ وَفِيهِ عَلَى مُرَادِ غَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَتْ رَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ:
تَعْصِي الْإِلَهَ وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ ... هَذَا لَعَمْرُكَ فِي الْقِيَاسِ بَدِيعُ
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ ... إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست