responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3133
وَالْمَعْنَى بِحَيْثُ يَصِلُ بِسَمَاعِ كَلَامِهِ إِلَى أَهْلِهَا كُلِّهَا ( «فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ» ) أَيْ: جَمِيعُهُمْ (ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ) : وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْمَحَبَّةِ، ثُمَّ هَذَا الْوَضْعُ ابْتِدَاءً مِنْ جِبْرِيلَ أَوْ غَيْرِهِ. (فِي الْأَرْضِ) أَيْ: فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا مِنْ أَهْلِ الْمَحَبَّةِ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَوْلِيَاءِ لَيْسَ لَهُمْ قَبُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا ; لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِخَوَاصِّ الْأَنَامِ لَا بِالْعَوَامِّ كَالْأَنْعَامِ. ( «وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ. فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ» ) .
قَالَ النَّوَوِيُّ: مَحَبَّةُ اللَّهِ الْعَبْدَ هِيَ إِرَادَةُ الْخَيْرِ لَهُ وَهِدَايَتُهُ وَإِنْعَامُهُ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ، وَبُغْضُهُ إِرَادَةُ عُقُوبَتِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَحُبُّ جِبْرِيلَ وَالْمَلَائِكَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحُدُهَا: اسْتِغْفَارُهُمْ لَهُ وَثَنَاؤُهُمْ عَلَيْهِ وَدُعَاؤُهُمْ لَهُ، وَثَانِيهِمَا: أَنَّ مَحَبَّتَهُمْ عَلَى ظَاهِرِهَا الْمَعْرُوفَةُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، وَهُوَ مَيْلُ الْقَلْبِ إِلَيْهِ، وَاشْتِيَاقُهُ إِلَى لِقَائِهِ، قُلْتُ: هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ مَتَى صَحَّ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ فَلَا وَجْهَ لِلْعُدُولِ عَنْهُ إِلَى الْمَجَازِ، مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الثَّانِي. قَالَ: وَسَبَبُ حُبِّهِمْ إِيَّاهُ كَوْنُهُ مُطِيعًا لِلَّهِ مَحْبُوبًا لَهُ. قُلْتُ: مُطِيعًا إِمَّا سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا، كَمَا حُقِّقَ فِي مَرْتَبَتَيِ السَّالِكِ وَالْمَجْذُوبِ وَالْمُرِيدِ وَالْمُرَادِ. قَالَ: وَمَعْنَى يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ الْحُبُّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَرِضَاهُمْ عَنْهُ، فَتَمِيلُ إِلَيْهِ الْقُلُوبُ وَتَرْضَى عَنْهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ فَتُوضَعُ لَهُ الْمَحَبَّةُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْكَلَامُ فِي الْمَحَبَّةِ وَبَيَانِ اشْتِقَاقِهَا مَضَى مُسْتَوْفًى فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى، قُلْتُ: وَبَقِيَ كَثِيرٌ مَحَلُّهُ كِتَابُ الْإِحْيَاءِ. (ثُمَّ يُنَادِي) أَيْ: جِبْرِيلُ (فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ) : بِالْكَسْرِ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، عَلَى أَنَّ فِي النِّدَاءِ مَعْنَى الْقَوْلِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالْفَتْحِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى إِضْمَارِ الْبَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ} [آل عمران: 39] فَإِنَّ جُمْهُورَ الْقُرَّاءِ فِيهِ عَلَى الْفَتْحِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ (إِنْ) إِذَا كَانَتْ مَكْسُورَةً تَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُنَادَى، بِخِلَافِ (مَا) إِذَا كَانَتْ مَفْتُوحَةً وَأَصْلُهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ (يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ) : وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَلَأَ الْأَعْلَى لَيْسَ لَهُمْ شُعُورٌ بِمَحْبُوبِهِ تَعَالَى وَمَبْغُوضِهِ إِلَّا بِإِعْلَامِهِ إِيَّاهُمْ، ثُمَّ مِثْلَ هَذَا الْمَحْبُوبِ وَالْمَبْغُوضِ لَا يَنْقَلِبُ حُكْمُهُ، لِئَلَّا يَلْزَمَ خُلْفٌ فِي إِخْبَارِهِ تَعَالَى (قَالَ: فَيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْبُغْضُ فِي الْأَرْضِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
وَفِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] ، أَخْرَجَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَوْلِهِ: {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] مَا هُوَ؟ قَالَ: " الْمَحَبَّةَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ يَا عَلِيٌّ! إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى الْمَقْتَ وَالْمَحَبَّةَ وَالْحَلَاوَةَ وَالْمَهَابَةَ فِي صُدُورِ الصَّالِحِينَ» ". وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَهَنَّادٌ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] قَالَ: يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنْ أَبَى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبَدًا نَادَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ الْمَحَبَّةُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] وَإِذَا أَبْغَضَ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنِّي قَدْ أَبْغَضْتُ فُلَانًا فَيُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُنْزِلُ لَهُ الْبَغْضَاءَ فِي الْأَرْضِ» اهـ. فَحَدِيثُ الْمِشْكَاةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى.

5006 - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5006 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ: عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ تَعْظِيمًا لِبَعْضِ الْعِبَادِ مِنَ الْعِبَادِ ( «أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟» ) أَيْ: بِسَبَبِ عَظَمَتِي وَلِأَجْلِ تَعْظِيمِي، أَوِ الَّذِينَ يَكُونُ التَّحَابُبُ بَيْنَهُمْ ; لِأَجْلِ رِضَا جَنَابِي وَجَزَاءِ ثَوَابِي. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْبَاءُ فِيهِ. بِمَعْنَى " فِي " وَفِيهِ مَا فِيهِ. قَالَ: وَخُصَّ الْجَلَالُ بِالذِّكْرِ ; لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْهَيْبَةِ وَالسَّطْوَةِ أَيِ: الْمُنَزَّهُونَ عَنْ شَائِبَةِ الْهَوَى وَالنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ فِي

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست