responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3132
فِي شَاكِلَتِهِ تَعَارَفَتْ فِي عَالَمِ الْخَلْقِ وَائْتَلَفَتْ وَاجْتَمَعَتْ، وَكُلُّ مَا كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فِي عَالَمِ الْأَمْرِ تَنَاكَرَتْ فِي عَالَمِ الْخَلْقِ فَاخْتَلَفَتْ وَافْتَرَقَتْ، فَالْمُرَادُ بِالتَّعَارُفِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّنَاسُبِ وَالتَّشَابُهِ، وَبِالتَّنَاكُرِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّنَافُرِ وَالتَّبَايُنِ، فَتَارَةً عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ وَتَارَةً عَلَى وَجْهِ النُّقْصَانِ، إِذْ قَدْ يُوجَدُ كُلٌّ مِنَ التَّعَارُفِ وَالتَّنَاكُرِ بِأَدْنَى مُشَاكَلَةٍ بَيْنَهُمَا إِمَّا ظَاهِرًا وَإِمَّا بَاطِنًا، وَبِحَقِيقَةٍ يَطُولُ وَتَخَافُ مِنْ إِعْرَاضِ الْمُلُولِ وَاعْتِرَاضِ الْفُضُولِ، هَذَا وَقِيلَ: هَذَا الِاجْتِمَاعُ كَانَ يَوْمِ الْمِيثَاقِ فَمَنْ تَقَابَلَ مِنْهُمُ اثْنَانِ يَوْمَئِذٍ يَأْتَلِفَانِ فِي الدُّنْيَا غَايَةَ الْمُؤَالَفَةِ، وَمَنْ تَدَابَرَ مِنْهُمْ شَخْصَانِ يَخْتَلِفَانِ فِي نِهَايَةِ الْمُخَالَفَةِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الِاجْتِنَابِ لَهُ مُشَارَكَةٌ مِنْ مُشَاكَلَةِ كُلِّ بَابٍ كَالْمُنَافِقِينَ، وَأَشْبَاهِهِمْ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ، ثُمَّ لَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا التَّعَارُفِ وَالتَّنَاكُرِ وَصْلَةُ الْأَجَانِبِ وَشَجْنَةُ الْأَقَارِبِ.
كَانَتْ مَوَدَّةُ سَلْمَانَ لَهُ نَسَبًا ... وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ نُوحٍ وَابْنِهِ رَحِمٌ
وَلَا يَدْفَعُهُ بُعْدُ الدَّارِ وَلَا يَجْمَعُهُ قُرْبُ الْمَزَارِ.
مُنَاسَبَةُ الْأَرْوَاحِ بَيْنَ وَبَيْنَهَا ... وَإِلَّا فَأَيْنَ التُّرْكُ مِنْ سَاكِنِي نَجْدٍ
قَالَ حَكِيمٌ: أَقْرَبُ الْقُرْبِ مَوَدَّةُ الْقَلْبِ وَإِنْ تَبَاعَدَ جِسْمُ أَحَدِهَا مِنَ الثَّانِي، وَأَبْعَدُ الْبُعْدِ تَنَافُرُ التَّدَانِي.
وَفِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ أَيْ: مَجْمُوعَةٌ كَمَا يُقَالُ: أُلُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ وَقَنَاطِيرُ مُقَنْطَرَةٌ، وَمَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ عَنْ مَبْدَأِ كَوْنِ الْأَرْوَاحِ وَتَقْدُمُهَا الْأَجْسَادُ أَيْ: إِنَّهَا خُلِقَتْ أَوَّلَ خِلْقَتِهَا عَلَى قِسْمَيْنِ مِنِ ائْتِلَافٍ وَاخْتِلَافٍ، كَالْجُنُودِ الْمُجَنَّدَةِ الْمَجْمُوعَةِ إِذَا تَقَابَلَتْ وَتَوَاجَهَتْ، وَمَعْنَى تَقَابُلِ الْأَرْوَاحِ مَا جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهَا مِنَ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ وَالْأَخْلَاقِ فِي مَبْدَأِ الْخَلْقِ يَقُولُ: إِنَّ الْأَجْسَادَ الَّتِي فِيهَا الْأَرْوَاحُ تَلْتَقِي فِي الدُّنْيَا فَتَأْتَلِفُ وَتَخْتَلِفُ عَلَى حَسَبِ مَا خُلِقَتْ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا تَرَى الْخَيِّرَ يُحِبُّ الْأَخْيَارَ، وَيَمِيلُ إِلَيْهِمْ، وَالشِّرِّيرُ يُحِبُّ الْأَشْرَارَ، وَيَمِيلُ إِلَيْهِمُ اهـ. وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَعُنْوَانِ الْبَابِ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ صَدْرُ الْخِطَابِ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَرْوَاحَ لَيْسَتْ بِأَعْرَاضٍ وَعَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْأَجْسَادِ فِي الْخِلْقَةِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ.

5004 - وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5004 - (وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) : وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَائِشَةَ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَزَادَ فِيهِ: «تَلْتَقِي فَتُشَامُ كَمَا تُشَامُ الْخَيْلُ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: سَأَلْتُ الْحَاكِمَ عَنْ مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ لَا يَسْكُنُ قَلْبُهُ إِلَّا إِلَى شَكْلِهِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا بِلَفْظِ: " «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا فِي اللَّهِ ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا فِي اللَّهِ اخْتَلَفَ» ".

5005 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ. فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فَلَانَا فَأَبْغِضُوهُ. قَالَ: فَيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5005 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا» ) أَيْ: إِذَا أَرَادَ إِظْهَارَ مَحَبَّتِهِ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ وَهِيَ إِمَّا مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ فَمَعْنَاهَا إِرَادَةُ الْخَيْرِ، أَوْ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ فَهِيَ بِمَعْنَى إِكْرَامِهِ لَهُ وَإِحْسَانِهِ لَهُ وَإِنْعَامِهِ عَلَيْهِ (دَعَا جِبْرِيلَ) : يَدُلُّ عَلَى جَلَالَتِهِ مِنْ حَيْثُ خَصَّهُ مِنْ بَيْنِ أَفْرَادِ الْمَلَائِكَةِ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ إِسْرَافِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَسَائِرِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ تَخْصِيصِهِ لِكَوْنِهِ سَفِيرًا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ الْمَبْعُوثِينَ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ (فَقَالَ) أَيِ: اللَّهُ (إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا) : وَفِي عَدَمِ ذِكْرِ سَبَبٍ لِمَحَبَّتِهِ مِنْ أَوْصَافِ عَبْدِهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ تَعَالَى مُبَرَّأَةٌ عَنِ الْأَغْرَاضِ وَالْعِلَلِ، بَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى مَحَبَّتِهِ تَعَالَى مَحَبَّةُ الْعَبْدِ إِيَّاهُ بِسُلُوكِ سَبِيلِهِ وَاتِّبَاعِ رُسُلِهِ، وَدَوَامِ اشْتِغَالِهِ بِذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَثَنَائِهِ وَالشَّوْقِ إِلَى رِضَائِهِ وَلِقَائِهِ. (فَأَحِبَّهُ) أَيْ: أَنْتَ أَيْضًا زِيَادَةً لِإِكْرَامِ الْعَبْدِ، وَإِلَّا فَكَفَى بِاللَّهِ مُحِبًّا وَمَحْبُوبًا وَطَالِبًا وَمَطْلُوبًا وَحَامِدًا وَمَحْمُودًا.
(قَالَ) أَيْ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ) أَيْ: ضَرُورَةُ عَدَمِ عِصْيَانِهِ أَمْرَ رَبِّهِ فَيُحِبُّهُ لِحُبِّهِ، وَهَذَا مِنَ الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ أَيْ: لَا يُحِبُّهُ لِغَرَضٍ سِوَى مَرْضَاةِ مَوْلَاهُ، وَمَحَبَّةُ جِبْرِيلَ دُعَاؤُهُ وَاسْتِغْفَارُهُ لَهُ، وَالْمَيْلُ إِلَى الِاجْتِمَاعِ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. (ثُمَّ يُنَادِي) أَيْ: جِبْرِيلُ بِأَمْرِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ (فِي السَّمَاءِ) أَيْ: فِي أَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا فِي قَرِينَتِهِ الْآتِيَةِ،

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست