responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3127
(قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ) ؛ لِأَنَّ مَدَارَ أَمْرِ الدِّينِ عَلَى اكْتِسَابِ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي، إِذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَحْصِيلِ الْفُضُولِ وَتَضْيِيعِ الْأُصُولِ، وَكَمَا هُوَ وَاقِعٌ فِيهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَكَثِيرٌ مِنَ الصُّلَحَاءِ، حَيْثُ لَمْ يَقُمِ الْأَوَّلُونَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَمَلِ، وَلَمْ يُحَصِّلِ الْآخَرُونَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعِلْمِ، وَأَمَّا الصُّوفِيَّةُ الْجَامِعُونَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ الْمَقْرُونَيْنِ بِالْإِخْلَاصِ، فَهُمْ يَأْدِمُونَ رِعَايَةَ الِاحْتِمَاءِ عَلَى إِعْطَاءِ الدَّوَاءِ سَالِكِينَ سَبِيلَ الْحُكَمَاءِ فَيَقُولُونَ: التَّخْلِيَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّحْلِيَةِ، وَلِذَا جَعَلُوا التَّوْبَةَ أَوَّلَ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ وَمَقَامَاتِ الطَّائِرِينَ. وَفِي كَلِمَهِ التَّوْحِيدُ إِشَارَةٌ إِلَى هَذَا الْمَلَفِّ بِطَرِيقِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ دَائِمًا إِلَى أَنَّ الصِّفَافَ السَّلْبِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النُّعُوتِيَّةِ الثُّبُوتِيَّةِ، فَكَأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ الْأَوْلَى حُصُولُ الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) . وَكَذَا الْبَزَّارُ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ذَكَرَهُ مِيرَكُ.

4993 - وَعَنْهُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ عَلَى نَاسٍ جُلُوسٍ فَقَالَ: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ؟ " قَالَ: فَسَكَتُوا فَقَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ رَجُلٌ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا فَقَالَ: " خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ، وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ، وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ". وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4993 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رِضَى اللَّهِ عَنْهُ - (قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ عَلَى نَاسٍ جُلُوسٍ» ) أَيْ: جَالِسِينَ أَوْ ذَوِي جُلُوسٍ ( «فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ» ) ؟ أَيْ: مُمَيِّزًا مِنْهُ حَالٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ (قَالَ) أَيِ: الرَّاوِي (فَسَكَتُوا) أَيْ: مُتَوَقِّفِينَ فِي أَنَّ السُّؤَالَ أَوْلَى أَوِ السُّكُوتَ أَحْرَى خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ: " {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] " وَعَمَلًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» ". (فَقَالَ ذَلِكَ) أَيِ: الْكَلَامَ السَّابِقَ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) : فَلَمَّا أَفَادَ التَّكْرَارُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الِاخْتِيَارِ أَجَابَ بَعْضُهُمْ (فَقَالَ رَجُلٌ) أَيْ: كُلُّ الرَّجُلِ شَدِيدُ الْقَلْبِ فَتَنْوِينُهُ لِلتَّعْظِيمِ ( «بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا» ) . وَفِيهِ بَسْطُ الْكَلَامِ بِمُقْتَضَى انْبِسَاطِ الْمَقَامِ (فَقَالَ) أَيْ: بِطَرِيقِ الْإِبْهَامِ احْتِرَازًا مِنْ فَضِيحَةِ الْأَنَامِ ( «خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ» ) : فَخَيْرُ الْأَوَّلِ بِمَعْنَى الْأَخْيَرِ، وَالثَّانِي مُفْرَدُ الْخُيُورِ أَيْ: مَنْ يَرْجُو النَّاسُ مِنْهُ إِحْسَانَهُ إِلَيْهِمْ (وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ) ، أَيْ: مَنْ يَأْمَنُونَ عَنْهُ عَنْ إِسَاءَتِهِ عَلَيْهِمْ ( «وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ، وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ» ) . وَتَرَكَ ذِكْرَ مَنْ يَأْتِي مِنْهُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ وَنَقِيضُهُ، فَإِنَّهُمَا سَاقِطَا الِاعْتِبَارِ حَيْثُ تَعَارَضَا تَسَاقُطًا، وَنَظِيرُهُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ سَرِيعُ الْغَضَبِ سَرِيعُ الْفَيْءِ، فَهَذَا بِذَاكَ، وَمِنْهُمْ بَطِيءُ الْغَضَبِ بَطِيءُ الْفَيْءِ، فَكَذَلِكَ وَخَيْرُهُمْ مَنْ يَكُونُ بَطِيءَ الْغَضَبِ سَرِيعَ الرُّجُوعِ، وَشَرُّهُمْ عَكْسُ ذَلِكَ، هَذَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَمَّا تَوَهَّمُوا مَعْنَى التَّمْيِيزِ وَتَخَوَّفُوا مِنَ الْفَضِيحَةِ سَكَتُوا حَتَّى كَرَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَبْرَزَ الْبَيَانَ فِي مَعْرِضِ الْعُمُومِ، لِئَلَّا يُفْضَحُوا فَقَالَ: (خَيْرُكُمْ) . وَالتَّقْسِيمُ الْعَقْلِيُّ يَقْتَضِي أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ ذَكَرَ مِنْهَا اثْنَتَيْنِ تَرْغِيبًا، وَتَرْهِيبًا، وَتَرْكَ قِسْمَيْنِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا تَرْغِيبٌ وَتَرْهِيبٌ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) .
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: " «خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ» " الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَنَسٍ، وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: " «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ؟ خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ» " إِلَخْ. وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ مُعَاذٍ بِلَفْظِ: " «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ؟ مَنْ أَكَلَ وَحْدَهُ وَمَنَعَ رِفْدَهُ، وَسَافَرَ وَحْدَهُ وَضَرَبَ عَبْدَهُ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟ مَنْ يَبْغَضُ النَّاسَ وَيَبْغَضُونَهُ. أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟ مَنْ يُخْشَى شَرُّهُ: لَا يُرْجَى خَيْرُهُ. أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ. إِلَّا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟ مَنْ أَكَلَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ» ".

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست