responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3126
{فَلْيُؤَدِّ الَّذِي أُؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] (وَلِيُحْسِنْ) : مِنَ الْإِحْسَانِ أَيْ: لِيُكْرِمْ (جِوَارَ مَنْ جَاوَرَهُ) . بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: مُجَاوَرَةَ جِيرَانِهِ، وَمُعَاشَرَةَ أَصْحَابِهِ وَإِخْوَانِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَضْدَادَهَا مِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِينَ، فَالْمَدَارُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْبَاطِنَةِ دُونَ الْأَحْوَالِ الظَّاهِرَةِ، فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبَّهَهُمْ عَلَى أَنَّ جُمْلَةَ هِمَّتِهِمْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ دُونَ الِاكْتِفَاءِ بِظَوَاهِرِ الْأُمُورِ الْمُشْتَرَكَ فِيهَا الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، وَالْمُخَالِفُ وَالْمُوَافِقُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَخُلَاصَةُ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: يُرِيدُ أَنَّ ادِّعَاءَكُمْ مَحَبَّةَ اللَّهِ، وَمَحَبَّةَ رَسُولِهِ لَا يَتِمُّ، وَلَا يَسْتَتِبُّ بِمَسْحِ الْوَضُوءِ فَقَطْ، بَلْ بِالصِّدْقِ فِي الْمَقَالِ، وَبِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَبِالْإِحْسَانِ إِلَى الْجَارِ.

4991 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ» ". رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4991 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَيْسَ الْمُؤْمِنُ) أَيِ: الْكَامِلُ (بِالَّذِي) : الْبَاءُ زَائِدَةٌ قَدْ تَدْخُلُ فِي خَبَرِ لَيْسَ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ الَّذِي (يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ) الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يَشْبَعُ أَيْ: وَهُوَ عَالِمٌ بِحَالِ اضْطِرَارِهِ، وَقِلَّةِ اقْتِدَارِهِ، وَفِي ذِكْرِ الْجَنْبِ إِشْعَارٌ بِكَمَالِ غَفْلَتِهِ عَنْ تَعَهُّدِ جَارِهِ (رَوَاهُمَا) أَيِ: الْحَدِيثَيْنِ (الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) . وَالْأَوَّلُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَالثَّانِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِهِ عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

4992 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلَانَةً تُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا. قَالَ: " هِيَ فِي النَّارِ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَإِنَّ فُلَانَةً تُذْكَرُ قِلَّةَ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي بِلِسَانِهَا جِيرَانَهَا قَالَ: " هِيَ فِي الْجَنَّةِ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4992 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلَانَةً) : بِفَتْحِ آخِرِهَا وَهَى كِنَايَةٌ عَنِ اسْمِ امْرَأَةٍ (تُذْكَرُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مُسْنَدٍ إِلَى ضَمِيرِ " فُلَانَةً "، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تُذْكَرُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ بِطَرِيقِ الشُّهْرَةِ (مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا) أَيْ: مِنْ أَجْلِ هَذِهِ النَّوَافِلِ، وَ (مِنْ) تَعْلِيلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (تُذْكَرُ) (غَيْرَ أَنَّهَا) أَيْ: إِلَّا أَنَّهَا (تُؤْذِي) : قَالَ الطِّيبِيُّ: الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ يَعْنِي لَكِنْ تُؤْذِي (جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا) . وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِاللِّسَانِ أَنَّهُ أَغْلَبُ مَا يُؤْذَى بِهِ وَأَقْوَى مَا يَتَأَذَّى لَهُ الْإِنْسَانُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
جِرَاحَاتُ السِّنَّانِ لَهَا الْتِئَامُ ... وَلَا يَلْتَامُ مَا جَرَحَ اللِّسَانُ
(قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ) . أَيْ: لِارْتِكَابِ النَّفْلِ الْمُبَاحِ تَرْكُهُ وَاكْتِسَابِ الْأَذَى الْمُحَرَّمِ فِي الشَّرْعِ، وَفِي نَظِيرِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَاقِعُونَ حَتَّى عِنْدَ دُخُولِ الْبَيْتِ الشَّرِيفِ، وَاسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْمُنِيفِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ عَمَلُ الظَّلَمَةِ مِنْ جَمْعِ مَالِ الْحَرَامِ وَصَرْفِهِ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ، وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ. (قَالَ) أَيِ: الرَّجُلُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلَانَةً) أَيْ: غَيْرَهَا (تُذْكَرُ) أَيْ: عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ (قِلَّةَ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصِلَاتِهَا) ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا قَالَ الطِّيبِيُّ: الْقَرِينَةُ الثَّانِيَةُ لَيْسَتْ فِيهَا مِنْ " وَقِلَّةَ " نُصِبَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ اهـ. وَكَأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ رِوَايَةُ النَّصْبِ كَمَا تَقْتَضِي مُرَاعَاةُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْقَرِينَتَيْنِ، وَإِلَّا فَلَوْ رُوِيَ أَوْ قُرِئَ بِالرَّفْعِ فَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنَّهَا) : بِالْكَسْرِ (تُصَدَّقُ) : بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَضَمِّ الْقَافِ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ وَإِنْ رُوِيَ بِفَتْحِ أَنَّ عَطْفًا عَلَى (أَنَّهَا) مَعْمُولُ (تُذْكَرُ) ، فَلَهُ وَجْهٌ فَتُذْكَرُ. وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تَتَصَدَّقُ. (بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ) ، أَيْ: بِقِطَعٍ مِنْهُ جَمْعُ ثَوْرٍ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْأَقِطِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، فَفِي الْكَلَامِ تَجْرِيدٌ أَوْ تَوْكِيدٌ، وَفِي ذِكْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ صَدَقَتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ قَلِيلَةٌ جِدًّا، ثُمَّ فِي الْقَرِينَةِ الثَّانِيَةِ تَوَسَّطَتِ الْعِبَادَةُ الْمَالِيَّةُ بَيْنَ عِبَادَتَيِ الْبَدَنِيَّةِ لَعَلَّهَا بِسَبَبِ طَرَفَيْهَا تَنْجَبِرُ قِلَّتُهَا. (وَلَا تُؤْذِي بِلِسَانِهَا جِيرَانَهَا) : عَطْفٌ عَلَى تَصَدَّقُ أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست