responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1639
2365 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2365 - (وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ) أَيْ غَايَتَهَا، وَهِيَ النِّعْمَةُ لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الرَّحْمَةِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَتَعَدُّدِهَا (أَنْزَلَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ الْمِائَةِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ مِنْ تِلْكَ النِّعَمِ (رَحْمَةً وَاحِدَةً) أَيْ: تَعَطُّفًا رُوحَانِيًّا وَمَيَلَانًا نَفْسَانِيًّا، وَحُمِلَتِ الرَّحْمَةُ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهَا لِإِمْكَانِهَا فَهِيَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ رَحْمَتِهِ تَعَالَى، وَالْإِنْزَالُ تَمْثِيلٌ مُشِيرًا إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْأُمُورِ الطَّبِيعِيَّةِ بَلْ هِيَ مِنَ الْأُمُورِ السَّمَاوِيَّةِ مَقْسُومَةً بِحَسَبِ قَابِلِيَّةِ الْمَخْلُوقَاتِ لِمَظَاهِرِ آثَارِ صِفَةِ الرَّحْمَانِيَّةِ الْوَاقِعَةِ (بَيْنَ الْجِنِّ) أَيْ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ (وَالْإِنْسِ) كَذَلِكَ (وَالْبَهَائِمِ) أَيْ: مَعَ أَوْلَادِهَا (وَالْهَوَامِّ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، جَمْعُ هَامَّةٍ، وَهِيَ كُلُّ ذَاتِ سُمٍّ وَقَدْ يَقَعُ عَلَى مَا يَدِبُّ مِنَ الْحَيَوَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ كَالْحَشَرَاتِ وَالْقَمْلِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِرَحْمَتِهَا فِيمَا لَا تَوَالُدَ فِيهَا، وَأَمَّا أَكْلُ الْهِرِّ لِوَلَدِهَا أَحْيَانًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِمَزِيدِ خَوْفِهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا فَتَرَى أَنْ لَا مَلْجَأَ إِلَّا أَكْلُهُ ; فَهُوَ مِنْ مَزِيدِ رَحْمَتِهَا فِي تَخَيُّلِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُوعِهَا كَمَا يُوجَدُ لَدَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْإِنْسَانِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الرَّحْمَةَ غَيْرُ طَبِيعِيَّةٍ فَإِذَا سَلَبَتِ ارْتَفَعَتْ بِالْكُلِّيَّةِ (فَبِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الرَّحْمَةِ الْوَاحِدَةِ وَبِسَبَبِ خَلْقِهَا فِيهِمْ (يَتَعَاطَفُونَ) أَيْ يَتَمَايَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ (وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ) أَيْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ (وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ) أَيْ تُشْفِقُ وَتَحِنُّ (عَلَى وَلَدِهَا) أَيْ حِينَ صِغَرِهَا وَلَعَلَّ التَّخْصِيصَ بِالْأَوْلَادِ لِأَنَّهُ لَا تَعَاطُفَ فِيمَا بَيْنَهَا حَتَّى لَا تَعْطِفَ أَوْلَادُهَا عَلَى وَالِدَيْهَا، وَلَعَلَّهَا مَوْجُودَةٌ فِيهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِ (أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ) وَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ} [البقرة: 74] وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ظُهُورُ النَّبَاتَاتِ، وَخَوَاصُّ الْأَشْيَاءِ، وَالْمُتْعَةُ بِالنَّارِ، وَالْهَوَاءِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ (وَأَخَّرَ اللَّهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ: عَطْفٌ عَلَى أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَأَظْهَرَ الْمَسْتَكِنَّ بَيَانًا لِشِدَّةِ الْعِنَايَةِ لِرَحْمَةِ اللَّهِ الْأُخْرَوِيَّةِ (تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ) أَيِ الْمُؤْمِنِينَ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ: قَبْلَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَبَعْدِهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا نِهَايَةَ لَهَا لَمْ يُرِدْ بِمَا ذَكَرَهُ تَحْدِيدًا بَلْ تَصْوِيرًا لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ قِسْطِ أَهْلِ الْإِيمَانِ مِنْهَا فِي الْآخِرَةِ وَقِسْطِ كَافَّةِ الْمَرْبُوبِينَ فِي الدُّنْيَا. اهـ. وَهُوَ فِي الْمَرْتَبَةِ الْحُسْنَى، وَلَا يُنَافِي تَفْسِيرَ الرَّحْمَةِ بِالنِّعْمَةِ فَإِنَّ نِعَمَهُ لَا تُحْصَى دُنْيَا وَعُقْبَى، وَلَا يُعَارِضُهُ تَقْسِيمُ الرَّحْمَةِ بِمَعْنَى الْمَثُوبَةِ الْعُظْمَى عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ نُزُولِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ رَحْمَةً كُلَّ يَوْمٍ عَلَى الْكَعْبَةِ سِتِّينَ لِلطَّائِفِينَ، وَأَرْبَعِينَ لِلْمُصَلِّينَ، وَعِشْرِينَ لِلنَّاظِرِينَ، فَانْدَفَعَ بِهِ مَا تَعَقَّبَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى الطِّيبِيِّ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى سَعَةِ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

2366 - وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ سَلْمَانَ نَحْوُهُ، وَفِي آخِرِهِ قَالَ: فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2366 - وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ سَلْمَانَ نَحْوُهُ) أَيْ بِمَعْنَاهُ (وَفِي آخِرِهِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا) أَيْ: أَتَمَّ الرَّحْمَةَ الْوَاحِدَةَ الَّتِي أَنْزَلَهَا فِي الدُّنْيَا (بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ) أَيِ: الَّتِي أَخَّرَهَا، حَتَّى يَصِيرَ الْمَجْمُوعُ مِائَةَ رَحْمَةٍ فَرَحِمَ بِهَا عِبَادَهُ.

2367 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يُعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3367 - (وَعَنْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِإِيهَامِ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ أَنْ يَكُونَ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ سَلْمَانُ، وَأَمَّا عَلَى النُّسْخَةِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ فَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى الْعُنْوَانِ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ) اللَّامُ لِلِاسْتِغْرَاقِ (مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ) بَيَانٌ لِمَا (مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ) أَيِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَضْلًا عَنِ الْكَافِرِينَ وَلَا بُعْدَ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ عَلَى إِطْلَاقِهِ مِنْ إِفَادَةِ الْعُمُومِ إِذْ تَصَوُّرُ ذَلِكَ وَحْدَهُ يُوجِبُ الْيَأْسَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَفِيهِ بَيَانُ كَثْرَةِ عُقُوبَتِهِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ مُؤْمِنٌ بِطَاعَتِهِ، أَوِ اعْتِمَادًا عَلَى رَحْمَتِهِ فَيَقَعُ فِي الْأَمْنِ وَلَا

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1639
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست