responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1640
يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ) أَيْ: كُلُّ كَافِرٍ (مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَيُكْسَرُ (مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ) : أَيْ مِنَ الْكَافِرِينَ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمَلَكِ بِقَوْلِهِ: إِذَا دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حُسْنِ الْمُقَابَلَةِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ مَعَ (إِنْ) الشَّرْطِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةِ الْوُقُوعِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْحَدِيثُ فِي بَيَانِ صِفَتَيِ الْقَهْرِ وَالرَّحْمَةِ لِلَّهِ تَعَالَى ; فَكَمَا أَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ لَا يَبْلُغُ كُنْهَ مَعْرِفَتِهَا أَحَدٌ، كَذَلِكَ عُقُوبَتَهُ وَرَحْمَتَهُ، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ وَقَفَ عَلَى كُنْهِ صِفَتِهِ الْقَهَّارِيَّةِ لَظَهَرَ مِنْهَا مَا يُقَنِّطُ مِنْ تِلْكَ الْخَوَاطِرِ فَلَا يَطْمَعُ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَهَذَا مَعْنَى وَضْعِ أَحَدٍ مَوْضِعَ ضَمِيرِ الْمُؤْمِنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْمُؤْمِنَ الْجِنْسُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ ; فَالتَّقْدِيرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ: أَنَّ الْمُؤْمِنَ قَدِ اخْتُصَّ لِأَنْ يَطْمَعَ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا انْتَفَى الطَّمَعُ مِنْهُ فَقَدِ انْتَفَى عَنِ الْكُلِّ، وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ مُخْتَصٌّ بِالْقُنُوطِ فَإِذَا انْتَفَى الْقُنُوطُ عَنْهُ فَقَدِ انْتَفَى عَنِ الْكُلِّ، وَوَرَدَ الْحَدِيثُ فِي بَيَانِ كَثْرَةِ رَحْمَتِهِ وَعُقُوبَتِهِ كَيْلَا يَغْتَرَّ مُؤْمِنٌ بِرَحْمَتِهِ فَيَأْمَنَ مِنْ عَذَابِهِ، وَلَا يَيْأَسَ كَافِرٌ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَتْرُكَ بَابَهُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَحَاصِلُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْعَبْدَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ بِمُطَالَعَةِ صِفَاتِ الْجَمَالِ تَارَةً، وَبِمُلَاحَظَةِ نُعُوتِ الْجَلَالِ أُخْرَى، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَوْ نُودِيَ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا، وَكَذَا فِي النَّارِ، وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَلِّبَ الْخَوْفَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَالرَّجَاءَ عِنْدَ الْمَمَاتِ.

2368 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2368 - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ» ) بِكَسْرِ الشِّينِ، أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ضَرَبَ الْعَرَبُ مَثَلًا بِالشِّرَاكِ ; لِأَنَّ سَبَبَ حُصُولِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ إِنَّمَا هُوَ بِسَعْيِ الْعَبْدِ، وَيُجْرَى السَّعْيُ بِالْأَقْدَامِ، وَكُلُّ مَنْ عَمِلَ خَيْرًا اسْتَحَقَّ الْجَنَّةَ بِوَعْدِهِ، وَمَنْ عَمِلَ شَرًّا اسْتَحَقَّ النَّارَ بِوَعِيدِهِ، وَمَا وَعَدَ وَأَوْعَدَ مُنْجَزَانِ فَكَأَنَّهُمَا حَاصِلَانِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ فِي دَفْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَلَّهُ لَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ لِأَنَّ الشِّرَاكَ يَقْبَلُ الِانْفِكَاكَ بِخِلَافِ الْعَمَلِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13] فَالْمُعَلَّقُ بِالْعُنُقِ عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ لَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْرَبُ مِنَ الْمُعَلَّقِ تَحْتَ الرِّجْلِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِإِشَارَاتِ كَلَامِ سَيِّدِ الْأَنَامِ (وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ) إِشَارَةٌ إِلَى الْمَذْكُورِ، أَيِ: النَّارُ مِثْلُ الْجَنَّةِ فِي كَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْ شِرَاكِ النَّعْلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ اقْتِصَارٌ مِنَ الرَّاوِي، ثُمَّ قِيلَ هَذَا لِأَنَّ سَبَبَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مَعَ الشَّخْصِ وَهُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَالسَّيِّئُ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ إِذْ هُوَ مُجَاوِرٌ لَهُ وَالْعَمَلُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: أَوْ هِيَ نَفْسُهَا بِاعْتِبَارِ سُرْعَةِ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا الَّتِي يَلِيهَا دُخُولُهَا، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; لَكِنْ بِظَاهِرِهِ مِنْ كَوْنِهِ أَقْرَبَ مِنَ الشِّرَاكِ غَيْرُ صَحِيحٍ إِلَّا مُبَالَغَةً وَادِّعَاءً كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ نَزَلَ الْوَعْدُ بِهَا النَّاجِزُ لِمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مَنْزِلَةَ حُصُولِهَا نَفْسِهَا فَهُوَ عَيْنُ الْقَوْلِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الطِّيبِيُّ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

2369 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ لِأَهْلِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ، وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ، فَغَفَرَ لَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2369 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ رَجُلٌ) أَيْ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَنَا (لَمْ يَعْمَلْ) صِفَةُ رَجُلٍ (خَيْرًا قَطُّ) أَيْ عَمَلًا صَالِحًا، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لَمْ يَعْمَلْ، وَخَوْفُهُ مِنْ عَذَابِهِ وَغُفْرَانِهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ (لِأَهْلِهِ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ عَمَلَ الْخَيْرِ يَتَعَدَّى مِنْهُ لِأَهْلِهِ وَذَوِي قَرَابَتِهِ، وَأَنَّهُ يَعْمَلُ خَيْرًا لِنَفْسِهِ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ لَوْ عَمِلَ لِنَفْسِهِ لَتَعَدَّى مِنْهُ إِلَيْهِمُ اهـ، وَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ لِأَهْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بَقَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الطِّيبِيُّ فِيمَا سَيَأْتِي لَا بِلَمْ يَعْمَلْ كَمَا فَهِمَ هَذَا الْقَائِلُ، تَأَمَّلْ (وَفِي رِوَايَةٍ أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ: بَالَغَ فِي فِعْلِ الْمَعَاصِي فَمُؤَدَّى الرِّوَايَتَيْنِ وَاحِدٌ (فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ: مَقُولُ قَالَ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1640
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست