responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1638
(5) بَابُ رَحْمَةِ اللَّهِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
2364 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي. وَفِي رِوَايَةٍ: " غَلَبَتْ غَضَبِي» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[5] بَابٌ [رَحْمَةُ اللَّهِ]
بِالرَّفْعِ مُنَوَّنًا، وَبِالْوَقْفِ مُسَكَّنًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْعُنْوَانَ، وَغَالِبُ أَحَادِيثِهِ فِي: (رَحْمَةِ الرَّحْمَنِ) الْبَاعِثَةُ عَلَى التَّوْبَةِ مِنَ الْعِصْيَانِ، وَالْمُوجِبَةُ لِلرَّجَاءِ وَعَدَمِ الْيَأْسِ مِنَ الْغُفْرَانِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
2364 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ) أَيْ: حِينَ قَدَّرَ اللَّهُ خَلْقَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَحَكَمَ بِظُهُورِ الْمَوْجُودَاتِ، أَوْ حِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ يَوْمَ الْمِيثَاقِ بَدَأَ خَلْقَهُمْ (كَتَبَ كِتَابًا) أَيْ: فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لِأَمْرِهِ لِلْمَلَائِكَةِ أَنْ يَكْتُبُوا، أَوْ لِلْقَلَمِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: جَفَّ الْقَلَمُ. مِمَّا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَوِ الْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِثْبَاتِ وَالْإِبَانَةِ (فَهُوَ) أَيْ: ذَلِكَ الْكِتَابُ بِمَعْنَى الْمَكْتُوبِ أَوْ عِلْمِهِ (عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدِيَّةُ الْمَكَانَةِ لَا عِنْدِيَّةَ الْمَكَانِ لِتَنَزُّهِهِ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثَانِ (فَوْقَ عَرْشِهِ) : فِيهِ تَنْبِيهٌ " نَبِيهٌ " عَلَى جَلَالَةِ قَدْرِ ذَلِكَ الْكِتَابِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِنَّ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ تَحْتَ الْعَرْشِ، زَادَ ابْنُ حَجَرٍ: لِأَنَّهُ فِي جَبْهَةِ إِسْرَافِيلَ رَئِيسِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، وَالْكِتَابُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ فَوْقَ الْعَرْشِ لِجَلَالَةِ قَدْرِهِ، وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا تَحْتَ الْعَرْشِ عَالَمُ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ، وَاللَّوْحُ يَشْتَمِلُ عَلَى تَفَاصِيلِ ذَلِكَ، وَقَضِيَّةُ هَذَا الْعَالَمِ: هُوَ عَالَمُ الْعَدْلِ، وَإِلَيْهِ أَشَارٌ لِقَوْلِهِ: بِالْعَدْلِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِثَابَةَ الْمُطِيعِ وَعِقَابَ الْعَاصِي، حَسَبُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَمَلُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي غَلَبَةَ الْغَضَبِ وَالرَّحْمَةِ لِكَثْرَةِ مُوجِبِهِ وَمُقْتَضِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ} [النحل: 61] فَيَكُونُ سِعَةُ الرَّحْمَةِ شُمُولَهَا عَلَى الْبَرِّيَّةِ، وَقَبُولُ إِبَانَةِ التَّائِبِ وَالْعَفْوُ عَنِ الْمُشْتَغِلِ بِذَنْبِهِ الْمُنْهَمِكِ فِيهِ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ أَمْرًا خَارِجًا عَنْهُ، مُتَرَقِّبًا مِنْهُ إِلَى عَالَمِ الْفَضْلِ الَّذِي هُوَ الْعَرْشُ وَفِي أَمْثَالِ هَذَا الْحَدِيثِ أَسْرَارٌ إِفْشَاؤُهَا بِدْعَةٌ، فَكُنْ مِنَ الْوَاصِلِينَ إِلَى الْعَيْنِ دُونَ السَّامِعِينَ لِلْخَبَرِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ إِمَّا الْقَضَاءُ الَّذِي قَضَاهُ اللَّهُ وَأَوْجَبَهُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، أَيْ: فَعِلْمُهُ عِنْدَهُ تَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ لَا يَنْسَى وَلَا يَنْسَخُهُ وَلَا يُبَدِّلُهُ، وَأَمَّا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ الْمَذْكُورُ فِيهِ الْخَلْقُ وَبَيَانُ أَحْوَالِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمُ وَالْأَقْضِيَةِ النَّافِذَةِ فِيهِمْ وَأَحْوَالِ عَوَاقِبِ أُمُورِهِمْ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَعْنَاهَا فَذِكْرُهُ عِنْدَهُ (إِنَّ رَحْمَتِي) بِالْكَسْرِ وَيُفْتَحُ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: بِفَتْحِ أَنَّ عَلَى الْإِبْدَالِ مِنَ الْكِتَابِ وَبِكَسْرِهَا عَلَى أَنَّهَا حِكَايَةٌ بِمَضْمُونِ الْكِتَابِ، قُلْتُ يُؤَيِّدُ الثَّانِي رِوَايَةُ الشَّيْخَيْنِ بِلَفْظِ أَنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي (سَبَقَتْ غَضْبَى، وَفِي رِوَايَةٍ غَلَبَتْ غَضَبِي) أَيْ غَلَبَتْ آثَارُ رَحْمَتِي عَلَى آثَارِ غَضَبِي، وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَالْمُرَادُ بَيَانُ سَعَةِ الرَّحْمَةِ وَشُمُولِهَا عَلَى الْخَلْقِ حَتَّى كَأَنَّهَا السَّابِقُ وَالْغَالِبُ، وَإِلَّا فَهُمَا صِفَتَانِ مِنْ صِفَاتِهِ رَاجِعَتَانِ إِلَى إِرَادَتِهِ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، تُوصَفُ صِفَاتُهُ بِالسَّبْقِ وَالْغَلَبَةِ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَيْ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ حَكَمَ حُكْمًا جَازِمًا وَوَعَدَ وَعْدًا لَازِمًا لَا خَلْفَ فِيهِ بِأَنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ; فَإِنَّ الْمُبَالِغَ فِي حُكْمِهِ إِذَا أَرَادَ إِحْكَامَهُ عَقَدَ عَلَيْهِ سِجِلًّا وَحَفَظَهُ ; فَوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ قَضَاءِ الْخَلْقِ وَسَبْقِ الرَّحْمَةِ أَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ لِلْعِبَادَةِ شُكْرًا لِلنِّعَمِ الْفَائِضَةِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى أَدَاءِ حَقِّ الشُّكْرِ، وَبَعْضُهُمْ يُقَصِّرُونَ فِيهِ، فَسَبَقَتْ رَحْمَتُهُ فِي حَقِّ الشَّاكِرِ بِأَنْ وَفَّى جَزَاءَهُ وَزَادَ عَلَيْهِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحَصْرِ، وَفِي حَقِّ الْمُقَصِّرِ إِذَا تَابَ وَرَجَعَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ، وَمَعْنَى سَبَقَتْ رَحْمَتِي تَمْثِيلٌ لِكَثْرَتِهَا وَغَلَبَتِهَا عَلَى الْغَضَبِ بِفَرَسَيْ رِهَانٍ تَسَابَقَتَا فَسَبَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1638
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست