responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 7
عِبَارَةٌ عَنِ الْإِنْعَامِ فَتَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، أَوْ عَنْ إِرَادَةِ الْإِحْسَانِ فَتَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَبَّبٌ عَنْ رِقَّةِ الْقَلْبِ وَالِانْعِطَافِ ; فَتَكُونُ مَجَازًا مُرْسَلًا مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، وَقُدِّمَ الرَّحْمَنُ عَلَى الرَّحِيمِ مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ التَّرَقِّي فِي الصِّفَاتِ مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّحِيمَ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ لِلرَّحْمَنِ، أَوْ لِزِيَادَةِ شَبَهِهِ بِاللَّهِ حَيْثُ اخْتَصَّ بِهِ سُبْحَانَهُ حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ عَلَمٌ لَهُ، أَوْ لِتَقَدُّمِ رَحْمَةِ الدُّنْيَا، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ مِنْ صِفَاتِ الْجَمَالِ وَعَدَمِ ذِكْرِ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْجَلَالِ إِشْعَارٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: " «غَلَبَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي» " وَفِي الْخَتْمِ بِالرَّحِيمِ إِيمَاءٌ بِحُسْنِ خَاتِمَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ بَعْدَ حُصُولِ رَحْمَتِهِ لِعُمُومِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) : قِيلَ: الْحَمْدُ، وَالْمَدْحُ، وَالشُّكْرُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ، وَالْمُحَقِّقُونَ بَيْنَهَا يُفَرِّقُونَ وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْحَمْدَ هُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ مِنْ نِعْمَةٍ وَغَيْرِهَا، وَالْمَدْحُ يَعُمُّ الِاخْتِيَارِيَّ وَغَيْرَهُ، وَلِذَا يُقَالُ: مَدَحْتُهُ عَلَى حُسْنِهِ، وَلَا يُقَالُ: حَمِدْتُهُ عَلَيْهِ، وَالشُّكْرُ فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ بِمُقَابَلَةِ النِّعْمَةِ سَوَاءٌ يَكُونُ بِاللِّسَانِ، أَوِ الْجَنَانِ، أَوِ الْأَرْكَانِ، فَمَوْرِدُ الْحَمْدِ خَاصٌّ وَمُتَعَلِّقُهُ عَامٌّ، وَالشُّكْرُ بِخِلَافِهِ، وَحَقِيقَةُ الشُّكْرِ مَا رُوِيَ عَنِ الْجُنَيْدِ أَنَّهُ صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ إِلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ، وَرَفْعُهُ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ للَّهِ، وَأَصْلُهُ النَّصْبُ وَقُرِئَ بِهِ، وَإِنَّمَا عُدِلَ بِهِ إِلَى الرَّفْعِ دَلَالَةً عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ، وَقُرِئَ بِإِتْبَاعِ الدَّالِّ اللَّامَ وَبِالْعَكْسِ تَنْزِيلًا لَهُمَا لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمَا مَعًا مَنْزِلَةَ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ الْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إِنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى ; لِتَسْمِيَةِ قَائِلِهَا بِهَا حَامِدًا وَلَوْ كَانَتْ خَبَرِيَّةً مَعْنًى لَمْ يُسَمَّ إِلَّا مُخْبِرًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَقُّ لِلْمُخْبِرِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ إِذْ لَا يُقَالُ لِمَنْ قَالَ: الضَّرْبُ مُؤْلِمٌ: ضَارِبٌ، فَإِنْ قِيلَ: جَازَ أَنْ يُعَدَّ الشَّرْعُ الْمُخْبِرُ بِثُبُوتِ الْحَمْدِ لَهُ تَعَالَى حَامِدًا أُجِيبَ: فَإِنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَاللَّامُ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ: كُلُّ حَمْدٍ صَدَرَ مِنْ كُلِّ حَامِدٍ، فَهُوَ ثَابِتٌ لِلَّهِ، أَوْ لِلْجِنْسِ، وَيُسْتَفَادُ الْعُمُومُ مِنْ لَامِ الِاخْتِصَاصِ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ: فَجَمِيعُ أَفْرَادِ الْحَمْدِ مُخْتَصٌّ لَهُ تَعَالَى حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ قَدْ يُوجَدُ بَعْضُهَا لِغَيْرِهِ صُورَةً، أَوِ الْحَمْدُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ، أَوِ الْمَفْعُولِ أَيْ: الْحَامِدَيَّةُ، وَالْمَحْمُودِيَّةُ ثَابِتَانِ لَهُ تَعَالَى، فَهُوَ الْحَامِدُ، وَهُوَ الْمَحْمُودُ، أَوْ لِلْعَهْدِ فَإِنَّ حَمْدَهُ لَائِقٌ لَهُ، وَلِذَا أَظْهَرَ الْعَجْزَ أَحْمَدُ الْخَلْقِ عَنْ حَمْدِهِ وَقَالَ: ( «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ) .
(نَحْمَدُهُ) : اسْتِئْنَافٌ فَأَوَّلًا: أَثْبَتَ الْحَمْدَ لَهُ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الثُّبُوتِ وَالدَّوَامِ، سَوَاءٌ حَمِدَ، أَوْ لَمْ يَحْمَدْ، فَهُوَ إِخْبَارٌ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِنْشَاءِ. وَثَانِيًا: أَخْبَرَ عَنْ حَمْدِهِ وَحَمْدِ غَيْرِهِ مَعَهُ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي لِلتَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ بِحَسَبِ تَجَدُّدِ النَّعْمَاءِ وَتَعَدُّدِ الْآلَاءِ وَحُدُوثِهَا فِي الْآنَاءِ، أَوِ الْمُرَادُ نَشْكُرُهُ إِمَّا مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى تَوْفِيقِ الْحَمْدِ سَابِقًا. (وَنَسْتَعِينُهُ) أَيْ: فِي الْحَمْدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، أَوِ الْأُخْرَوِيَّةِ، فَيَكُونُ تَبَرِّيًا مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ النَّفْسِيَّةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى رَدِّ الْقَدَرِيَّةِ كَمَا أَنَّ فِيمَا قَبْلَهُ رَدًّا عَلَى الْجَبْرِيَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ: وَإِيَّاهُ نَسْتَعِينُ ; لِأَنَّ مَقَامَ الِاخْتِصَاصِ لَا يُدْرِكُهُ إِلَّا الْخَوَاصُّ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: لَوْلَا وُجُوبُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَمَا قَرَأْتُهَا لِعَدَمِ صِدْقِي فِيهَا.
(وَنَسْتَغْفِرُهُ) أَيْ: مِنَ السَّيِّئَاتِ، وَالتَّقْصِيرَاتِ وَلَوْ فِي الْحَمْدِ وَالِاسْتِعَانَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ (وَنَعُوذُ بِاللَّهِ) أَيْ: نَلْتَجِئُ وَنَعْتَصِمُ بِعَوْنِهِ وَحِفْظِهِ (مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا) أَيْ: مِنْ ظُهُورِ السَّيِّئَاتِ الْبَاطِنِيَّةِ الَّتِي جُبِلَتِ الْأَنْفُسُ عَلَيْهَا

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست