responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 8
قِيلَ: مِنْهَا الْحَمْدُ مَعَ الرِّيَاءِ، وَالسُّمْعَةِ وَكَذَا مَعَ إِثْبَاتِ الْحَوْلِ، وَالْقُوَّةِ (وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا) أَيْ: مِنْ مُبَاشَرَةِ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْهَا، وَفِيهِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّ الْبَوَاطِنَ وَالظَّوَاهِرَ مَمْلُوءَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ وَمَحْشُوَّةٌ مِنَ الذُّنُوبِ، وَلِذَا قِيلَ: وَجُودُكَ ذَنْبٌ لَا يُقَاسُ بِهِ ذَنْبٌ. قِيلَ: مِنْهَا التَّصْنِيفُ بِلَا إِخْلَاصٍ وَعَدَمُ رُؤْيَةِ التَّوْفِيقِ وَالِاخْتِصَاصِ، وَلَوْلَا حِفْظُهُ تَعَالَى مَعَ تَوْفِيقِهِ لَمَا اسْتَقَامَ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقِهِ، لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا (مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ) أَيْ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ هِدَايَتَهُ الْمُوَصِّلَةَ إِلَيْهِ وَعِنَايَتَهُ الْمُقَرِّبَةِ لَدَيْهِ. (فَلَا مُضِلَّ لَهُ) أَيْ: فَلَا أَحَدَ يَقْدِرُ عَلَى إِضْلَالِهِ مِنَ الْمُضِلِّينَ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ، وَالْجِنِّ أَجْمَعِينَ، (وَمَنْ يُضْلِلْ) أَيْ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ جَهَالَتَهُ وَعَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْحَقِّ ضَلَالَتَهُ (فَلَا هَادِيَ لَهُ) أَيْ: فَلَا أَحَدَ يَقْدِرُ عَلَى هِدَايَتِهِ مِنَ الْهَادِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُرْسَلِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56] وَفِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ وَلَيْسَ لِمَا سِوَاهُ إِلَّا مَا قَدَّرَ بِهِ وَقَضَاهُ مِنَ الْكَسْبِ وَالِاخْتِيَارِ، وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ، وَلِظُهُورِ قُصُورِ عُقُولِنَا الْفَانِيَةِ عَنْ إِدْرَاكِ أَسْرَارِ الْحِكَمِ الْبَالِغَةِ الْبَاقِيَةِ، قَالَ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: " لَا يَظْهَرُ سِرُّ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ إِلَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الضَّمِيرَ الْبَارِزَ ثَابِتٌ فِي (يَهْدِهِ) ، وَأَمَّا فِي (يُضْلِلْ) فَغَيْرُ مَوْجُودٍ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَهُوَ عَمَلٌ بِالْجَائِزَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَصْلٌ وَفِيهِ وَصْلٌ، وَالثَّانِي فَرْعٌ وَفِيهِ فَصْلٌ، وَفِيهِ نُكْتَةٌ أُخْرَى لَا تَخْفَى عَلَى أَرْبَابِ الصَّفَا (وَأَشْهَدُ) أَيْ: أَعْلَمُ وَأُبَيِّنُ (أَنْ لَا إِلَهَ) أَيْ: مَعْبُودَ، أَوْ لَا مَقْصُودَ، أَوْ لَا مَوْجُودَ فِي نَظَرِ أَرْبَابِ الشُّهُودِ (إِلَّا اللَّهُ) أَيِ: الذَّاتُ الْوَاجِبُ الْوُجُودِ صَاحِبُ الْكَرَمِ وَالْجُودِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي مَقَامِ التَّوْحِيدِ؛ لِأَنَّهُ إِسْقَاطُ الْحُدُوثِ وَإِثْبَاتُ الْقِدَمِ، فَأَشَارَ أَوَّلًا إِلَى التَّفْرِقَةِ وَثَانِيًا إِلَى الْجَمْعِ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْأَفْعَالَ الْمُتَقَدِّمَةَ أُمُورٌ ظَاهِرِيَّةٌ يُحْكَمُ بِوُجُودِهَا عَلَى الْغَيْرِ أَيْضًا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ قَلْبِيٌّ غَيْبِيٌّ لَا يَعْلَمُ بِحَقِيقَتِهِ إِلَّا هُوَ (شَهَادَةً) : مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مَوْصُوفٌ بِقَوْلِهِ: (تَكُونُ) أَيْ: بِخُلُوصِهَا (لِلنَّجَاةِ) أَيِ: الْخَلَاصِ مِنَ الْعَذَابِ فِي الدَّارَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ الِاكْتِفَاءِ بِهَا (وَسِيلَةً) أَيْ: سَبَبًا لَا عِلَّةً (وَلِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ) أَيِ: الْعَالِيَاتِ فِي الْجَنَّاتِ الْبَاقِيَاتِ (كَفِيلَةً) أَيْ: مُتَضَمِّنَةً مُلْتَزِمَةً. وَالْمَعْنَى: أَنَّ الشَّهَادَةَ إِذَا تَكَرَّرَتْ وَأَنْتَجَتِ ارْتِكَابَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَاجْتِنَابَ الْأَفْعَالِ الطَّالِحَةِ، صَارَتْ سَبَبًا لِعُلُوِّ الدَّرَجَاتِ، وَكَانَتْ مَانِعَةً عَنِ الْوُقُوعِ فِي الدَّرَكَاتِ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ انْدَفَعَ مَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ بِالْإِيمَانِ وَرَفْعَ الدَّرَجَاتِ بِالْأَعْمَالِ، وَلِكَوْنِ التَّوْفِيقِ عَلَى هَذَا السَّبَبِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " «لَنْ يُنَجَّى مِنْكُمْ أَحَدٌ بِعَمَلِهِ» ". (وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا) : هُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ حَمِدَ مُبَالَغَةَ حَمْدٍ نُقِلَ مِنَ الْوَصْفَيَّةِ إِلَى الِاسْمِيَّةِ، سُمِّيَ بِهِ، وَالْأَسْمَاءُ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ لِوُصُولِهِ إِلَى الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي يَحْمَدُهُ الْأَوَّلُونَ، وَالْآخِرُونَ (عَبْدُهُ) : إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ وَتَخْصِيصٍ إِشَارَةً إِلَى كَمَالِ مَرْتَبَتِهِ فِي مَقَامِ الْعُبُودِيَّةِ بِالْقِيَامِ فِي أَدَاءِ حَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ ; وَقَدَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ أَوْصَافِهِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست