responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 6
كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ قَطْعًا، قَلْتُ: التَّحْقِيقُ أَنَّهُ كَمَا أَنَّ النَّقْلَ فِيهِ قِيَاسٌ غَيْرُ مُطَّرِدٍ فَكَذَلِكَ الْإِدْغَامُ فِي كَلِمَتَيْنِ، وَيَكْفِي جَوَازُهُ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى وُجُوبِهِ، مَعَ أَنَّ الْإِدْغَامَ فِي كَلِمَتَيْنِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْقُرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: {لَا تَأْمَنَّا} [يوسف: 11] . وَالْحَقُّ أَنَّهُ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38] فَإِنَّ الْأَصْلَ: لَكِنْ أَنَا، فَحَوَّلُوا الْفَتْحَةَ إِلَى مَا قَبْلَهَا مِنَ النُّونِ فَاجْتَمَعَتْ نُونَانِ مُتَحَرِّكَتَانِ، فَأَسْكَنُوا الْأُولَى وَأَدْغَمُوهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَحْكِيٌّ عَنِ الْفَرَّاءِ. وَقِيلَ: الْأَصْلُ فِيهِ هَاءُ الْكِنَايَةِ عَنِ الْغَائِبِ ; وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا مَوْجُودًا فِي نَظَرِ عُقُولِهِمْ وَأَشَارُوا إِلَيْهِ بِحَرْفِ الْكِنَايَةِ، ثُمَّ زَادُوا فِيهِ لَامَ الْمِلْكِ ; لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ وَمَالِكُهَا فَصَارَ (لَهُ) ، ثُمَّ قَصَرُوا الْهَاءَ وَأَشْبَعُوا فَتْحَةَ اللَّامِ فَصَارَ: (لَاهُ) ، وَخَرَجَ عَنْ مَعْنَى الْإِضَافَةِ إِلَى الِاسْمِ الْمُفْرَدِ ; فَزِيدَتْ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلتَّعْرِيفِ تَعْظِيمًا وَفَخَّمُوهُ تَأْكِيدًا لِهَذَا الْمَعْنَى، فَصَارَ (اللَّهُ) كَمَا تَرَى، وَهَذَا أَقْرَبُ بِإِشَارَاتِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ تَحْقِيقِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَقِيلَ: لَيْسَ هُوَ بِمُشْتَقٍّ بَلْ هُوَ عَلَمٌ ابْتِدَاءً لِذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ، وَيُلَائِمُ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعَارِفِينَ مِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ الْإِلَهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَا بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهَا بِالصِّفَاتِ، وَلَا بِاعْتِبَارِ لَا اتِّصَافِهَا بِهَا، وَلِذَا قَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّهُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ. قَالَ الْقُطْبُ الرَّبَّانِيُّ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلَانِيُّ: الِاسْمُ الْأَعْظَمُ هُوَ اللَّهُ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُ، وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ سِوَاهُ، وَقَدْ خُصَّ هَذَا الِاسْمُ بِخَوَاصَّ لَا تُوْجَدُ فِي غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ مِنْهَا: أَنَّهُ تُنْسَبُ سَائِرُ الْأَسْمَاءِ إِلَيْهِ، وَلَا يُنْسَبُ هُوَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا، وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَسْمَاءِ. وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ حَذَفُوا لَفْظَةَ يَاءٍ مِنْ أَوَّلِهِ وَزَادُوا مِيمًا فِي آخِرِهِ فَقَالُوا: اللَّهُمَّ، وَلَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ. وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ أَلْزَمُوهُ الْأَلِفَ وَاللَّامَ عِوَضًا لَازِمًا عَنْ هَمْزَتِهِ، وَلَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ. وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا أَللَّهُ فَقَطَعُوا هَمْزَتَهُ. وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ يَا الَّتِي لِلنِّدَاءِ وَبَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَلَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ حَالَ سِعَةِ الْكَلَامِ. وَمِنْهَا: تَخْصِيصُهُمْ إِيَّاهُ فِي الْقَسَمِ بِإِدْخَالِ (التَّاءِ وَايْمُنُ وَايْمُ) فِي قَوْلِهِمْ: تَاللَّهِ، وَايْمُنُ اللَّهِ، وَايْمُ اللَّهِ.
وَمِنْهَا: تَفْخِيمُ لَامِهِ إِذَا انْفَتْحَ مَا قَبْلَهُ، أَوِ انْضَمَّ ; سُنَّةً وَرِثَتْهَا الْعَرَبُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ وَتَوَاتَرَ النَّقْلُ عَنِ الْقُرَّاءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَذْفُ أَلِفِهِ لَحْنٌ تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ.
وَ (الرَّحْمَنُ) : فَعْلَانُ، مِنْ رَحِمَ كَغَضْبَانَ مِنْ غَضِبَ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ بِجَعْلِ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي لَازِمًا، فَيُنْقَلُ إِلَى فَعُلَ بِضَمِّ الْعَيْنِ فَيُشْتَقُّ مِنْهُ الصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ. وَأَمَّا (الرَّحِيمُ) : فَإِنْ جُعِلَ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ: هُوَ رَحِيمٌ فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ جُعِلَ مِنَ الصِّفَاتِ الْمُشَبَّهَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ (الْكَشَّافِ) فَالْوَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي الرَّحْمَنِ ثُمَّ فِي الرَّحْمَنِ زِيَادَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ الرَّحِيمِ ; لِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَبْنَى تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى، وَهِيَ إِمَّا بِحَسَبِ شُمُولِهِ لِلدَّارَيْنِ وَاخْتِصَاصِ الرَّحِيمِ بِالدُّنْيَا كَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ: ( «يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَ الدُّنْيَا» ) ، وَإِمَّا بِحَسَبِ كَثْرَةِ أَفْرَادِ الْمَرْحُومِينَ وَقِلَّتِهَا كَمَا وَرَدَ: ( «يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَرَحِيمَ الْآخِرَةِ» ) وَإِمَّا بِحَسَبِ جَلَالَةِ النِّعَمِ وَدِقَّتِهَا. وَبِالْجُمْلَةِ: فَفِي الرَّحْمَنِ مُبَالَغَةٌ فِي مَعْنَى الرَّحْمَةِ لَيْسَتْ فِي الرَّحِيمِ فَيُقْصَدُ بِهِ رَحْمَةٌ زَائِدَةٌ بِوَجْهٍ مَا، فَلَا يُنَافِي مَا يُرْوَى عَنْ قَوْلِهِمْ: ( «يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا» ) لِجَوَازِ حَمْلِهِمَا عَلَى الْجَلَائِلِ وَالدَّقَائِقِ. وَقِيلَ: رَحْمَةُ الرَّحْمَنِ تَتَعَلَّقُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فِي الدُّنْيَا وَرَحْمَةُ الرَّحِيمِ تَخْتَصُّ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الْعُقْبَى، وَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ الرَّحْمَنِ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الرَّحِيمِ، قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] وَلِذَا قِيلَ: الرَّحْمَنُ: خَاصُّ اللَّفْظِ عَامُّ الْمَعْنَى، وَالرَّحِيمُ: عَامُّ اللَّفْظِ خَاصُّ الْمَعْنَى، ثُمَّ الرَّحْمَةُ فِي اللُّغَةِ: رِقَّةُ الْقَلْبِ وَانْعِطَافٌ يَقْتَضِي التَّفَضُّلَ وَالْإِحْسَانَ، وَهِيَ مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ التَّابِعَةِ لِلْمِزَاجِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْهَا، فَإِطْلَاقُهَا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْغَايَاتِ الَّتِي هِيَ أَفْعَالٌ دُونَ الْمَبَادِئِ الَّتِي هِيَ مِنَ الِانْفِعَالَاتِ، فَهِيَ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست