لذلك الباب، يشير إليها، ويريد بذلك شحذ الأذهان، والبعث على كثرة الاستحضار" [1] .
قلت: ولا يخلو اللفظ المذكور من الدليل على المقصود، الذي هو علو الله -تعالى-؛ لأن قوله: " فيأمنني على أهل الأرض" يدل على أن الآمن الذي هو الله -تعالى- في السماء.
ومعنى قوله: " من في السماء" أي: الله الذي في السماء، و"في" هنا بمعنى "على" كما ذكر البيهقي، عن أبي بكر، أحمد بن إسحاق الضبعي: " أن العرب قد تضع "في" بموضع "على" قال الله -تعالى-: {فسيحوا في الأرض} [2] ، وقال: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} [3] ومعناه: على الأرض، وعلى جذوع النخل.
فكذلك قوله: " في السماء" أي: على العرش، فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- " [4] .
وهذا الحديث مثل قول الله -تعالى-: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ {16} أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ً} [5] .
فإما أن تكون "في" بمعنى "على" كما تقدم، أو يقصد بالسماء: العلو، أي: أأمنتم من في العلو، وكلاهما صحيح سائغ في اللغة والمعنى.
(1) "الفتح" (13/418) . [2] الآية 2 من سورة التوبة. [3] الآية 71 من سورة طه.
(4) " الأسماء والصفات " (ص421) . [5] الآيتان 16 و 17 من سورة الملك.