فيحصل بذلك عز الإسلام، ونصره، فهذا العطاء مما يحبه الله ويثيب عليه، وهو من الإنفاق في سبيل الله -تعالى- بل من أفضله.
ووصفه الرجل المعترض على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي أمور اتفقت فيه، وليست هذه الأوصاف الظاهرة في هذا الهالك مذمومة لذاتها.
وقوله: " فمن يطيع الله إذا عصيته؟ " يعني: أنه -صلى الله عليه وسلم- هو أحق الناس وأولاهم بطاعة الله -تعالى- وتقواه.
وهذا هو الضلال؛ أن يتصور الإنسان الطاعة معصية، فهذا الرجل المعترض تصور أن فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معصية، وأنه من الجور، فنصب نفسه آمراً بتقوى الله، فقال للرسول -صلى الله عليه وسلم-: " اتق الله" مع أن فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو تقوى، ومن أعظم الطاعات له، فهو يعطي الله، ولنصر دينه، وهداية عباده.
قوله: " فيأمنني على أهل الأرض، ولا تأمنوني" أي يأمنني الله -تعالى- على الرسالة التي أرسلني بها إلى الأرض، ولا تأمنني أنت أيها المعترض، ومن على شاكلتك ممن ضل طريق الرشد، لا تأمنوني على حطام الدنيا أن أضعه حيث يجب أن يوضع، على وفق أمر الله -تعالى-.
والرواية التي ذكرها في "المغازي": "فقال: ألا تأمنوني، وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساءً" [1] .
وهذا اللفظ أظهر، وأوضح في المقصود، من الرواية المذكورة هنا.
قال الحافظ: " وبهذا تظهر مناسبة هذا الحديث للترجمة، لكنه جرى على عادته في إدخال الحديث في الباب، للفظة تكون في بعض طرقه هي المناسبة [1] انظر "الفتح" (8/67) .