قوله: " فسأله رجل من القوم قتله، أراه خالد بن الوليد، فمنعه النبي -صلى الله عليه وسلم- " أي: استأذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، وقد تقدم في المناقب أن السائل هو عمر بن الخطاب. (1)
قال الحافظ: " لا تنافي بين الروايتين، إذ يجوز أن يكون كل واحد منهما طلب ذلك" [2] .
وقد جاء أن سبب منعه من قتله، خوف أن يقال: إن محمداً يقتل أصحابه، فيصير بذلك تنفيراً عن الدخول في الإسلام.
قوله: " إن من ضئضئ هذا، قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم" قال في "النهاية": "الضئضئ: الأصل، يقال: ضئضئ صدق، وضؤضؤ صدق، يريد أن يخرج من نسله وعقبه " (3)
وفي "اللسان": "الضئضئ، والضؤضؤ: الأصل، والمعدن" [4] .
والمقصود، الإخبار بأنه يأتي من جنس هذا الرجل الضال، قوم يسلكون مسلكه، يقرأون القرآن، ولكن لا يصل إلى قلوبهم، فهم لا يفهمونه على ما أريد، بل يضعونه في غير موضعه؛ لأنهم ضالون، وجاهلون، ولهذا يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، أي: يخرجون من الإسلام بسرعة وسهولة، غير متأثرين به، كأنهم لم يدخلوه، وهذا يدل على أنهم دخلوا في الإسلام، ولكن لم يتمكن
الإيمان في قلوبهم، ولم يفهموه على وجهه، ولهذا صار من أوصافهم: أنهم يقتلون أهل الإسلام، ويدعون الكفار عباد الأوثان، ومن أجل ذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: " لئن أدركتهم، لأقتلنهم قتل عاد" أي لا أبقي منهم
(1) انظر: "الفتح" (6/618) . [2] المرجع السابق (6/618) .
(3) "النهاية" (3/69) .
(4) "لسان العرب" (2/503) المرتب.