ولو كان المراد به: الصعقة الأولى، وهي صعقة الموت، لكان – صلى الله عليه وسلم- قد جزم بموته، وتردده: هل مات موسى، أو لم يمت، وهذا باطل؛ لوجوه كثيرة، فعلم أنها صعقة فزع، لا صعقة موت، والآية لا تدل على أن الأرواح كلها تموت، عند النفخة الأولى، وإنما تدل على أن من لم يذق الموت قبلها يموت، وأما من مات، أو من لم يكتب عليه الموت، فلا يموت " [1] .
وقال السفاريني: " وصعق الأرواح عند النفخ في الصور، لا يلزم منه موتها. ففي "الصحيحين": " أن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى آخذ بقائمة العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة يوم الطور؟ ".
فهذا صعق في موقف القيامة، إذا جاء الله لفصل القضاء، وأشرقت الأرض بنوره، فحينئذ، يصعق الخلائق كلهم، قال تعالى: {فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون} [2] .
ولو كان هذا الصعق موتاً، لكانت موتة أخرى " (3)
ثم ذكر كلام ابن القيم السابق، وقال ابن القيم بعد ما قرر أن هذا الصعق المذكور، إنما هو في الموقف، إذا جاء رب العالمين – جل وعلا – لفصل القضاء بين عباده.
قال: " فإن قيل: فكيف تصنعون بقوله في الحديث: " إن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فأجد موسى باطشاً بقائمة العرش"؟ قيل: لا ريب أن هذا اللفظ قد ورد هكذا، ومنه نشأ الإشكال، ولكنه دخل فيه على الراوي، حديث في حديث، فركب بين اللفظين، فجاء هكذا، والحديثان هكذا أحدهما:
(1) "الروح" (ص36) . [2] الآية 45 من سورة الطور.
(3) "لوامع الأنوار البهية" (2/38) .