" أن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق".
والثاني: " أنا أول من تنشق عنه الأرض، يوم القيامة "، فدخل على الراوي هذا الحديث في الحديث الآخر، وكان شيخنا أبو الحجاج المزي يقول ذلك " [1] .
قلت: وهذا احتمال بعيد جداً، ويحتاج إلى دليل، ولا وجود له، إذ لا يجوز تخطئة الراوي بمجرد إشكال يعرض للإنسان في لفظ الحديث، فما قال ابن القيم – رحمه الله – هنا غير صحيح، وسيتبين ذلك عند ذكر روايات الحديث.
فلفظ حديث أبي سعيد في "البخاري": " لا تخيروا الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري: أكان فيمن صعق؟ أم حوسب بصعقته الأولى " [2] ثم رواه في أماكن متعددة من "صحيحه" بألفاظ متقاربة، ليس فيها: " فأكون أول من تنشق عنه الأرض" إلا في هذا الموضع.
ولكن في رواية أبي هريرة: أنه –صلى الله عليه وسلم- قال: " لا تفضلوا بين أولياء الله، فإنه ينفخ في الصور، فيصعق من في السماوات، ومن في الأرض، إلا من شاء الله، ثم
ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري: أحوسب بصعقته يوم الطور، أم بعث قبلي؟ " [3] .
قال الحافظ: " وقع في رواية: " إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الثانية "، وفي أخرى: " إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الأخيرة" [4] .
ورواه في "التفسير" بسند آخر، مختصراً، ولفظه: " إني أول من يرفع
(1) "الروح" (ص37) . [2] انظر: " البخاري مع الفتح " (5/70) . [3] انظر: " الفتح" (6/451) .
(4) "الفتح" (6/444) .