السلام حين يخرج من قبره يلقى موسى، وهو متعلق بالعرش، وهذا عند نفخة البعث.
قلت: وسيأتي ما يوضح ذلك في روايات الحديث التي أذكرها، - إن شاء الله -.
ثم قال: " قال شيخنا أحمد بن عمر: والذي يزيح هذا الإشكال – إن شاء الله تعالى – أن الموت ليس بعدم محض، وإنما هو انتقال من حال إلى حال، ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم، أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين، مستبشرين، وهذه صفة الأحياء في الدنيا.
وإذا كان هذا في الشهداء، كان الأنبياء بذلك أحق، وأولى، فإذا نفخ في الصور نفخة الصعق، صعق كل من في السماوات والأرض، إلا من شاء الله، فأما
صعق غير الأنبياء فموت، وأما صعق الأنبياء فالأظهر أنه غشية، فإذا نفخ في الصور نفخة البعث، فمن مات حيي، ومن غشي عليه أفاق" [1] .
قلت: وحاصل هذا الجواب: أن الصعقة المذكورة في الحديث هي الأولى، وأن الصعق يكون للأرواح، كل ذلك باطل؛ لأنه سيأتي أن الحديث ينص على أنها نفخة البعث، ومعلوم أن الأرواح لا تموت، فكيف يكون صعق غير الأنبياء موت مع أنه زعم أن الصعق للأرواح، وكل ذلك يفتقر إلى دليل، والأدلة خلافه.
ولهذا قال ابن القيم: " وحمل الحديث على هذا لا يصح، لأنه –صلى الله عليه وسلم- تردد: هل أفاق موسى قبله، أو لم يصعق، بل جوزي بصعقة الطور؟
فالمعنى: لا أدري: أصعق أم لم يصعق؟
وقد قال في الحديث: " فأكون أول من يفيق"، وهذا يدل على أنه –صلى الله عليه وسلم- يصعق فيمن يصعق، وأن التردد حصل في موسى، هل صعق وأفاق قبله من صعقته، أو لم يصعق؟
(1) "التذكرة" (1/208-209) .