وإبقاء المؤثرات كما في قصة الأعرابي الذي وقع على امرأته في نهار رمضان، فكانت فيها أوصاف، كونه عامداً، أو كونه صحابياً، أو رجلاً، أو كونه مفطر صومه في نهار رمضان عمداً، فقال أبو حنيفة: إن الوصفَ المؤثرَ إفسادُه صومَه في نهار رمضان عمداً، فيتعدى الكفارة إلى الأكل والشرب عمداً، وسائر الصفات غير مؤثرة، وقال الشافعي أن المؤثر جماعه في نهار رمضان فلا تكون الكفارة في الأكل والشرب فهذا التنقيح تنقيح في النصوص، فعلم أنه ليس بقياس يكون في غير المنصوص، فقول الشوكاني غير جيد، وتنقيح المناط مختص بالمجتهدين، وأما تخريج المناط فهو: ترجيح المجتهد وصفاً من الأوصاف لعلّية الحكم، وفي التنقيح حذف غير المؤثر وإبقاء المؤثر، وفي التخريج ترجيح وصف للعلية، ومثال التخريج: الأشياء الستة الواردة في حديث الربا، من الحنطة، والشعير. . ففي هذه الأشياء أوصاف عديدة من الكيل والوزن والادخار والطعم والثمنية وغيرها فقال أبو حنيفة: إن العلة القدر والجنس، وقال الشافعي: إن مشار النهي هو الطعم والثمنية، وقال مالك: إنه اقتيات وادخار، فهذا القسم أي التخريج قياس، لأن المجتهد لما قرر علة يبني عليها الأحكام والفروع، ثم إن القياس قد يكون مثل تشبيه أهل المعاني، فإن التشبيه عندهم بيان الجامع بين المشبه والمشبه به، يعمل المشبه على المشبه به ولعله هو قياس الشبه، وأما في القياس للعلة فيدعي المجتهد كون الوصف علة للحكم واقتضاءه الحكم، ولا يكفي الصحة المحضة، والفرق بين القياس وتنقيح المناط: للعلة في القياس تعدية الحكم الشرعي بعينه إلى المقيس، ويكون الالتفات إليه أولاً ثم يلحقونه بما أشبه من المنصوص، والتنقيح لتعرف حال المنصوص أولاً أو إن لزمه التعدية، آخراً ثم إن قيل: فأي شيء ألجأ إلى القول بالشيئين الفرض والواجب؟ يقال: إن في أخواته أيضاً فرضاً وواجباً فكذلك قلنا فيما نحن فيه، وأخواته
مثل (الله أكبر) واجب لحديث الباب، وذكر الله المشعر بالتعظيم فرض لآية، {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] وكذلك القراءة المطلقة فريضة لآية: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] الآية وتعيين الفاتحة مع ضم آية سورة واجب واعلم أنه لا يقال في الآية إن ما في عامة، والمراد منها أية سورة شاء من الفاتحة أو السورة بلا تعيين الفاتحة كما يقول أهل العصر، بل يقال: إن المراد مما في الآية هو الفاتحة وأية سورة شاء، إلا أن هذا المراد من هذه الآية ظني، فالظن في كون المراد مراداً له، لو قلنا ما قال أهل العصر لزم إدخال الكراهة التحريمية في أمر الشارع، ولا يقبله العاقل ذو عقل سليم، فإن الامتثال بهذا الأمر يوجب الثواب، والحمل والإتيان بما قالوا لا يوجب الثواب، فيراد بأمره ما يكون جامعاً للفرائض والواجبات والسنن الأكيدة، وكذلك أقول في حديث مسيء الصلاة: «ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن» ، ومن أخوات ما نحن فيه الركوع والسجود، فإن ما يصدق عليه الركوع والسجود فرض لآية: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وأما المكث قدر تسبيحة أو ثلاث تسبيحات فثابت بالحديث ويكون واجباً، وأما فرضية القعدة فثبت بالإجماع فكذلك قلنا فيما نحن فيه، أي في فرضية الصنع بخروجه، ووجوب السلام، وفي مثل هذه