صحيح فتوى ابن الزبير وابن عباس: ينزح تمام ما في البير حين وقوع الغلام الحبشي فيها، وأيضاً إذا وقع حيوان في الماء يفتي أكثرهم بنزح الماء حتى يطيب الماء كما في معاني الآثار، قال الشوافع في قصة وقوع الحبشي في البير: إن سفيان بن عيينة قال: أقمت بمكة سبعين سنة ولم أسمع هذه القصة، وقال ابن الهمام: إن سفيان بعد عهد ابن الزبير فكيف يرى الواقعة، فعدم علمه ليست بحجة علينا، ثم أجاب الشوافع بأن الحبشي لعله سال دمه فتغير الماء وغلب على الماء، نقول: إن هذا الاحتمال بعيد وخلاف المشاهدة، ونقول: إن الكوفة لم تكن خالية عن الصحابة قال الأزرقي: كان خمسمائة وألف رجل من الصحابة في الكوفة، أقول: إن عمر اتخذ مجتمع العسكر بكوفة كما في مسلم، وكان آلاف من الصحابة في حروب القادسية، فلعل في قول الأزرقي قيداً، وكان ستمائة رجل منهم في قرية قرقية في حوالي كوفة، ثم أقول: إن عُمُر سفيان سبعون سنة وأقام خمسة وثلاثين سنة في كوفة فيتأول في كلامه بأنه حج سبعين مرة قال الشيخ ابن الهمام في الفتح: إن حديث البول في الماء الراكد، وحديث المستيقظ ليستا بحجتين لنا فإن فيهما كراهة نعم حديث ولوغ الكلب دليل لنا، فإن فيه لفظ (طهور إناء أحدكم. . الخ) أقول: لو كان الأمر كذلك فالطهور أيضاً يأتي بمعنى النظافة لما في الحديث: «إن السواك مطهرة للفم» فلا يكون حديث ولوغ الكلب أيضاً دليلنا ولكن الحق متجاوز عنه، وأقول أيضاً: إن الكراهة ليست حكماً مستقلاً في الماء بل من فروع النجاسة، فإن الموضع الذي يحتمل النجاسة نحكم فيه بالكراهة فرجع الأمر إلى النجاسة، فتكون الأحاديث الثلاثة أدلتنا، وأن مذهب أبي حنيفة في المياه راجح إن شاء الله تعالى.
باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور
[69] أكثر أرباب اللغة أن البحر هو مالح، وقع في بعض الروايات أن السائل في هذا الحديث رجل من بني مدلج.
قوله: (هو الطهور ماءه) ماءه فاعل الصفة المشبهة، وكذلك في الحل ميتته، اللام في الطهور ليس للقصر بل لتعريف المبتدأ بحال الخبر، كما قال عبد القاهر الجرجاني: إن تعريف الخبر قد يكون ليعرف به المبتدأ مثل آية: «أولئك هم المفلحون» كذلك في: