~ وإن قَتَل الهوى رجلاً ... فإني ذلك الرجل
تكلم العلماء في منشأ سؤال الصحابة: فقيل: إن منشأه حديث «إن تحت البحر ناراً» ، وفي الملل والنحل لابن حزم الأندلسي، قيل لعلي: إن فلاناً اليهودي يقول: إن جهنم في البحر، قال علي ما أراه إلا أن صدق.
ومراد هذا الحديث قيل: إن جهنم يوضع موضع البحر وإن ماءه يستعمل في جهنم، وقيل: إن منشأ السؤال موت الحيوانات في البحر، وأقوال أخر فيه.
قوله: (الحل ميتته) في حيوانات البحر أقوال للشوافع، في قول: إن جميع ما في البحر حلال، وفي قول: جميع ما فيه حلال إلا الضفدع والتمساح، وفي قول: حلال البر، حلال في البحر، وحرام البر حرام في البحر ومالا نظير له في البر أيضاً حلال.
ومذهب الأحناف: أن الحلال من حيواناته السمك فقط.
ثم لأهل المذهبين كلام في آية {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] قالوا: إن الصيد بمعنى المصيد، وقلنا: إنه مصدر على حاله، والقرينة أن القرآن يبحث عن الفعل من المُحرِم بأنه هل يوجب الجزاء أم لا؟ وأما الحديث فأحسن ما قيل في حديث الباب ما قال مولانا أستاذ الزمن محمود حسن مد ظله العالي على رؤوس المسترشدين: إن الحل بمعنى الطاهر وثبت الحل بمعنى الطهارة، كما في قصة صفية بنت حيي: حلت بالصهباء أي، طهرت من الحيض، وأيضاً حديث آخر دال على أن الحل قد يكون بمعنى الطاهر إلا أنه ضعيف السند، أخرجه الزيلعي والشيخ في الفتح ومعناه أن موت ما يعيش في الماء لا يفسده، ودليلنا «أحُل لنا ميتتان: السمك والجراد» أخرجه الحافظ في تلخيص الحبير مرفوعاً وموقوفاً وصحح سند الموقوف، وأيضاً لم يثبت من أحد من الصحابة أكل ما سوى السمك، قال الشوافع: أكل الصحابة العنبر وهو غير السمك، ونقول: إن العنبر غير السمك كما وقع في بعض الألفاظ لفظ الحوت على المنبر صراحة، فلا يصلح حجة لهم، والمراد بالميتة غير المذبوح فلا يدل على حل الطافي، والمراد في الآية بصيد البحر فعل الاصطياد وبطعامه هو السمك، فهو تخصيص، وأثر أبي بكر الصديق في الطافي مضطرب اللفظ.