رسول الله صلى الله عليه وسلم للتعلم منه والأخذ عنه. وروى مكحول عن عبد الرحمن بن غنم أنه قال: حدثني عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: كنا ندرس العلم في مسجد قباء إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "تعلموا ما شتئم أن تعلموا فلن يأجركم الله حتى تعملوا". رواه الدارمي موقوما على معاذ بسند صحيح. وكلمة العلم في هذا الحديث شاملة لعلم الكتاب وعلم السنة.
أليس هذا الولوع بالكتاب والسنة من دواعي تثبتهم فيهما كما هو من دواعي حفظهم لهما لأن اشتهار الشيء وذيوعه ولين الألسنة به يجعله من الوضوح والظهور بحيث لا يشوبه لبس ولا يخالطه زيف ولا يقبل فيه دخيل.
العامل الخامس
يسر الوسائل لدى الصحابة إلى أن يتثبتوا وسهولة الوصول عليهم إلى أن يقفوا على جلية الأمر فيما استغلق عليهم معرفته من الكتاب والسنة. وذلك لمعاصرتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصلون به في حياته فيشفي صدورهم من الريبة والشك ويريح قلوبهم بما يشع عليهم من أنوار العلم وحقائق اليقين.
أما بعد غروب شمس النبوة وانتقاله صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه. فقد كان من السهل عليهم أيضا أن يتصلوا بمن سمعوا بآذانهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم والسامعون يومئذ عدد كثير وجم غفير يساكنونهم في بلدهم ويجالسونهم في نواديهم فإن شك أحدهم في آية من كتاب الله أو خبر عن رسول الله أمكنه التثبت من عشرات سواه دون عنت ولا عسر.