نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 105
بجعله أكثر من لفظ، وإنما نضعفه بسبب الاقتصادر عليه، إذ حفظت لنا أوجه أخرى من الاختلاف ليست من اللهجات في شيء, كما سنرى بوضوح.
وإذا كنا في الاختلاف في اللهجات لا نجد إلا تنوعا في صفات الأداء في اللفظ الواحد، ففي اختلاف اللغات نجد أحيانا تباينا بين لفظ وآخر في موضوع واحد، ولو أمكننا حصر اللغات العربية المختلفة هذا النوع من الاختلاف في سبع لا تزيد ولا تنقص, وقبل منا هذا الحصر في غير تردد، ومن غير شعور بتعسفنا فيه، لكانت هذه اللغات السبع هي الأحرف السبعة من غير ما حاجة إلى الجدل العقيم, ولكن التعسف في الموضوع أوضح من أن يخفى على ذي بصر سواء أكانت لغات العرب هذه هي لغات قريش وهذيل, وتميم, وأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر[1]، أو كانت لغات قبائل مضر خاصة, وهي هذيل وكنانة، وقيس، وضبة، وتيم الرباب، وأسد بن خزيمة، وقريش[2], لأن في القرآن الكريم ألفاظا من لغات قبائل أخرى غير التي ذكرت على كلا الرأيين، تمثلت كلها في لغة قريش، وبلغ أبو بكر الواسطي[3] بتعدادها أربعين لغة في كتابه "الإرشاد في القراءات العشر", فكلمة "اخسئوا" بمعنى اخزوا بلغة عذرة, وكلمة "بئيس" بمعنى شديد بلغة غسان، وكلمة "لا تغلوا" بمعنى لا تزيدوا بلغة لخم, وكلمة "حصرت" بمعنى ضاقت بلغة اليمامة، وكلمة "هلوعا" بمعنى ضجرًا بلغة [1] وإلى هذا ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن يحيى ثعلب "البرهان 1/ 217". وقال الأزهري في "التهذيب": إنه المختار, واحتج بقول عثمان حين أمرهم بترتيب المصاحف: "وما اختلفتم أنتم وزيد فاكتبوه بلغة قريش, فإنه أكثر ما نزل بلسانهم": "البرهان 1/ 218" وقد نبهنا على أن الاختلاف هنا -كما يفهم البعض- يدور حول الكتابة والرسم لا أي شيء آخر "راجع ص80". [2] الإتقان 1/ 80 والزركشي في "البرهان 1/ 219" يورد اعتراضًا على هذا التخصيص على لسان أبي عمر بن عبد البر الذي يقول: "وأنكر آخرون كون كل لغات مضر في القرآن لأنه فيهما شواذ لا يقرأ بها، مثل كشكشة قيسن وعنعنة تميم ... وهذه لغات يرغب بالقرآن عنها". [3] أبو بكر الواسطي هو محمد بن محمد بن سليمان، الحافظ المعمر.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 105