responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شذرات الذهب دراسة في البلاغة القرآنية نویسنده : محمود توفيق محمد سعد    جلد : 1  صفحه : 61
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم شيئًا، كان لزامًا أن يكون لهذا الإضرار محلٌ، وقد نفى أن يكون الله تعالى أو دينه أو رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم محله، فلا يبقى محلٌ له غيرهم، وفي هذا مزيد إبلاغ في تقرير إيقاع الضرر على أنفسهم، فوجه دلالة إثبات إضرار أنفسهم من هذه الجملة المنفية هو اللزوم الذي يدخلها في بيان الكناية، وهو ما لزم من النفي المصرح به إثبات ضده، فكان فيه طيفٌ من التخصيص الحصْريوجاء قوله:"والله على كلِّ شيءٍ قدير " تقريرًا لتحقيق الجزاء المرتب على انتفاء نفارهم،وإذا ماكان الله تعالى على كلِّ شيءٍ أي شيءٍ قديرًا، فإنَّه على ما توعد به وهدد أيضًا جِدُّ قدير، فذلك مسلك من مسلك التوكيد، وكان مقتضى الظاهر أن يقال: وهو قادر علىذلك، ولكنه جعل صدر الجملة اسم الجلالة تربية للمهابة، وكأنَّ فيه إعلامًا بأنه متجلٍّ بكل الصفات التى يجمعها اسم الجلالة " الله" في إيقاعه ذلك المهدد به عليهم، فوضع الظاهر موضع الضمير فيه استحضار لما يدل عليه ذلك الاسم الظاهر.
وفي تقديم المتعلِّقِ:" على كلِّ شيءٍ " على المُتَعَلَّقِ به:" قدير " تناغ نغمى بين آخر الآية التى قبلها:" قليل" وآخر هذه الآية: " قدير" وزنا وجرسًا، والتنغيم رافد من روافد الإبانة عن المعانى، فلا تسْتهِنْ به، وإن عجزت عن استشعاره، فلعلك يومًا تذوقُ فتعرفُ
وفي هذا التقديم أيضًا تأكيد معنى الاقتدار على كلِّ شيءٍ، فإنَّك إذا ما سمعت قوله:" والله على كلِّ شيء" ثم لمَّا يصل إلى سمعك قوله: " قدير" تطلعت إلى الخبر ما يكون، فيأتيك، وأنت المتطلع إلى أن تعرفه من بعد أن ملأ سمعك وقلبك بالتهديد والوعيد الذي فاضت به الجمل السابقة، فيستقر المعنى في قلبك ويقيم فيه.
ولم يأت في القرآن الكريم تقديم " قدير" على متعلِّقه:" على كلِّ شيءٍ" ولم يأت هذا التركيب في غير الفواصل
وقد جاء في القرآن الكريم خمسًا وثلاثين مرة: جاء مطلقًا في ثلاث وثلاثين مرة " على كلِّ شيءٍ قدير" ومرة واحدة:" وكان الله على ذلك قديرًا" {النساء: 133} وأخرى:"وأنَّ الله على نصرهم لقدير" {الحج:39}
والغالب على اسمه " قادر" أن يتقدَّمَ على المتعلِّقِ به، ولا أعرف الآن وجه هذا.
وفي اصطفاء اسمه:" قدير" على " قادر" دلالة على الإبانة عن إبلاغه في تحقيق الفعل وكمال إيجاده، وأن ذلك ثابت لازم له جلَّ جلاله.

نام کتاب : شذرات الذهب دراسة في البلاغة القرآنية نویسنده : محمود توفيق محمد سعد    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست