نام کتاب : شذرات الذهب دراسة في البلاغة القرآنية نویسنده : محمود توفيق محمد سعد جلد : 1 صفحه : 62
وجملة:" الله على كل شَيْءٍ قَدِيرٌ" قد سبقتها " الوا و" التى تحتمل أن تكون" استئْنافِيَّة"
القول بأنها " اسْتِئْنَافِيَّة " لايُراد منه أن ما بعدها مقطوع العلاقة المعنوية بما قبله، فمثل هذه القطيعة لاتكون في البيان العالى البليغ، فكيف بها في البيان العلى المعجز،؟
الاستئناف هنا استئناف ضرب من ضروب العلاقة بين المعانى، فهي دالة على التنوع بين علاقات الجمل، بمعنى أن " الواو" التى كانت تشير إلى الربط بين المفردات في:" يعذبكم" و" يستبدل" و" لاتضروه" ليست هي هي " الواو" التى جاءت من قبل:" الله على كل شيء قدير" هذه " واو " جاءت لتشير إلى لون أخر من ألوان الربط بين جملة سبقت وقد بنيت على أسلوب الشرط المفيض في قلب المتلقى فيضًا من الإغراء الممزوج بالترهيب، وجملة أخرى تؤذِّنُ بحقيقة قائمة مشهودة، قد تغفل عنها بعض القلوب بسكرة الإلف: حقيقة أن الله على كلِّ شيء قدير، وهي حقيقة تحمل في بعض سياقات البيان قدرًا من التهديد والوعيد تنخلع له قلوب العارفين.
الاستئناف البياني بالواو إذن ليس انقطاعًا، بل هو تنويع مسالك التعلُّق بين الجمل، أمَّا الاستئناف البياني القائم من العلاقة بين سؤال مفهوم وجواب منطوق إنما هومسلك من مسالك الاعتلاق، وهو أقرب ظهورًا من الاستئناف البيانى بالواو.
وعجيب أن يكون الوصل بين الجمل بترك الواو المسمى بكمال الاتصال أقوى من الوصل بالواو المسمى بالتوسط بين الكمالين، كما هدى إليه الزمخشري في كشافه، وفي الوقت نفسه يكون الوصل بترك الواو: كمال الاتصال أظهر من الوصل بواو الاستئناف، فإنَّ خفاءه لايخفى، فلدينا هنا ثلاثة ضروب:
وصل بواو يطلق عليه البلاغيون: التوسط بين الكمالين، وهو ظاهر الإدراك، وإن خفيت العلاقة
ووصل معنوي، هو فصل لغوي بترك الواو يسميه البلاغيون:كمال الاتصال، وهو ظاهر الإدراك أيضًا، وهو أقوى في الوصل من سابقه
نام کتاب : شذرات الذهب دراسة في البلاغة القرآنية نویسنده : محمود توفيق محمد سعد جلد : 1 صفحه : 62