نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 32
وحسن وجها، وأشباه ذلك مما تجد الفعل فيه منقولا عن الشيء إلى ما ذلك الشيء من سببه. وذلك أنا نعلم أن اشتعل للشيب في المعنى، وإن كان هو للرأس في اللفظ، كما أن طاب للنفس، وقر للعين، وتصبب للعرق، وإن أسند إلى ما أسند إليه.
"يبين أن الشرف كان لأن سلك فيه هذا المسلك، وتوخي به هذا المذهب، أن تدع هذا الطريق فيه وتأخذ اللفظ فتسنده إلى الشيب صريحًا، فتقول: اشتعل شيب الرأس، والشيب في الرأس.
ثم تنظر هل تجد ذلك الحسن، وتلك الفخامة؟ وهل ترى الروعة التي كنت تراها؟ فإن قلت: فما السبب في أن كان "اشتعل" إذا استعير للشيب على هذا الوجه كان له الفضل، ولم بان بالمزية من الوجه الآخر هذه البينونة؟ فإن السبب أنه يفيد مع لمعان الشيب في الرأس، الذي هو أصل المعنى، الشمول، وأنه قد شاع فيه وأخذه من نواحيه، وأنه قد استقر به، وعم جملته، حتى لم يبق من السواد شيء، أو لم يبق منه إلا ما لا يعتد به. وهذا ما لا يكون إذا قيل: اشتعل شيب الرأس، أو الشيب في الرأس، بل لا يوجب اللفظ حينئذ أكثر من ظهوره فيه على الجملة، ووزان ذلك أنك تقول: اشتعل البيت نارًا، فيكون المعنى أن النار قد وقعت يه وقوع الشمول، وأنها قد استولت عليه وأخذت في طرفيه ووسطه، وتقول: اشتعلت النار في البيت، فلا يفيد ذلك، بل لا يقتضي أكثر من وقوعها فيه وإصابتها جانبًا منه، فأما الشمول وأن تكون قد استولت على البيت، وابتزته فلا يعفل من اللفظ البتة.
"ونظير هذا في التنزيل قوله عز وجل: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} . التفجير للعيون في المعنى، وأوقع على الأرض في اللفظ،
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 32