نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 30
وإن أحسنت إليه أساء إليك. فلا تريد مخاطبًا بعينه، بل تريد أن أكرم وأحسن إليه، فتخرجه في صورة الخطاب ليفيد العموم، أي إن سوء معاملته غير مختص بواحد دون واحد. وهو في القرآن كثير كقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أخرج في صورة الخطاب لما أريد العموم للقصد إلى تفظيع حالهم، وأنها تناهت في الظهور حتى امتنع خفاؤها فلا تختص بها رؤية راء، بل كل من يتأتى منه الرؤية داخل في هذا الخطاب"!
وبهذا تطوى تلك الصورة الفنية الحية، وتنتهي إلى أن تكون "تفظيعًا لحالهم التي تناهت في الظهور".
ثم انظر إلى تعبيرات مصورة أخرى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} . {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} . {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} .
إن هذه الصورة الشاخصة الحافلة بالحركة والحياة، حتى لتتابعها العين والأذن والخيال. إن هذه الصور كلها لم تستحق من باحث في البلاغة إلا أن يقول: "التعبير عن المستقبل بلفظ المضي تنبيهًا على تحقق وقوعه، وأن ما هو للوقوع كالواقع"!
فكل ما لفت نظره إذن هو الكلمات: "فصعق. وحشرناهم. ونادى" وبناؤها للماضي، وكان الأصل أن تصاغ للمستقبل، فعدل عن هذا تنبيهًا على تحقق الوقوع!
رجل واحد من الباحثين في البلاغة والإعجاز سابق للزمخشري
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 30