responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 607
عَنْ عُمَرَ قَالَ: "تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تَسُودُوا", وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسْجِدِ يَتَذَاكَرُونَ حَوَادِثَ الْمَسَائِلِ فِي الْأَحْكَامِ, وَعَلَى هَذَا الْمِنْهَاجِ جَرَى أَمْرُ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا. وَإِنَّمَا أَنْكَرَ هَذَا قَوْمٌ حَشْوٌ جُهَّالٌ قَدْ حَمَلُوا أَشْيَاءَ مِنْ الْأَخْبَارِ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِمَعَانِيهَا وَأَحْكَامِهَا فَعَجَزُوا عَنْ الْكَلَامِ فِيهَا وَاسْتِنْبَاطِ فِقْهِهَا, وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ" وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ الْمُنْكِرَةُ لِذَلِكَ كَمَنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} [الجمعة: 5] .
وقوله تعالى: {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} مَعْنَاهُ: إنْ تَظْهَرْ لَكُمْ, وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ فِيمَنْ سَأَلَ مِثْلَ سُؤَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ وَالرَّجُلِ الَّذِي قَالَ أَيْنَ أَنَا; لِأَنَّ إظْهَارَ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ لَا يَسُوءُ السَّائِلِينَ; لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَسْأَلُونَ عَنْهَا لِيَعْلَمُوا أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا. ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} يَعْنِي: فِي حَالِ نُزُولِ الْمَلَكِ وَتِلَاوَتِهِ الْقُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ اللَّهَ يُظْهِرُهَا لَكُمْ وَذَلِكَ مِمَّا يَسُوءُكُمْ وَيَضُرُّكُمْ.
وقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} يَعْنِي هَذَا الضَّرْبَ مِنْ الْمَسَائِلِ لَمْ يُؤَاخِذْكُمْ اللَّهُ بِهَا بِالْبَحْثِ عَنْهَا وَالْكَشْفِ عَنْ حَقَائِقِهَا. وَالْعَفْوُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ التَّسْهِيلُ وَالتَّوَسُّعَةُ فِي إبَاحَةِ تَرْكِ السُّؤَالِ عَنْهَا, كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البقرة: 187] وَمَعْنَاهُ: سَهَّلَ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "الْحَلَالُ مَا أَحِلَّ اللَّهُ, وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ, وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ" يَعْنِي تَسْهِيلٌ وَتَوَسُّعَةٌ; وَمِثْلُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ".
قَوْله تَعَالَى: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "قَوْمُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلُوا الْمَائِدَةَ ثُمَّ كَفَرُوا بِهَا". وَقَالَ غَيْرُهُ: "قَوْمُ صَالِحٍ سَأَلُوا النَّاقَةَ ثُمَّ عَقَرُوهَا وَكَفَرُوا بِهَا". وَقَالَ السُّدِّيُّ: "هَذَا حِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَوِّلَ لَهُمْ الصَّفَا ذَهَبًا". وَقِيلَ إنَّ قَوْمًا سَأَلُوا نَبِيَّهُمْ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ وَمَنْ قَالَ أَيْنَ أَنَا فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ سَاءَهُمْ فَكَذَّبُوا بِهِ وَكَفَرُوا.
قَوْله تَعَالَى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: "الْبُحَيْرَةُ مِنْ الْإِبِلِ يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ, وَالسَّائِبَةُ مِنْ الْإِبِلِ كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لَطَوَاغِيتِهِمْ, وَالْوَصِيلَةُ كَانَتْ النَّاقَةُ تُبَكِّرُ بِالْأُنْثَى ثُمَّ تُثْنِي بِالْأُنْثَى فَيُسَمُّونَهَا الْوَصِيلَةَ يَقُولُونَ وَصَلَتْ أُنْثَيَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ, فَكَانُوا يَذْبَحُونَهَا لَطَوَاغِيتِهِمْ, وَالْحَامِي الْفَحْلُ مِنْ الْإِبِلِ كَانَ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ يُقَالُ حَمَى ظَهْرَهُ فَيُتْرَكُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 607
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست