responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 312
أَوْجَبَتْ لَهُ الْحُكْمَ بِالْإِيمَانِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَتَلْت مُسْلِمًا؟ وقَتَلْته بَعْدَ مَا أَسْلَمَ؟ " وَقَوْلُهُ: "أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا" فَأَثْبَتَ لَهُمْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ بِإِظْهَارِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ; وَكَذَلِكَ قَوْله فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ اللَّيْثِيِّ: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَى عَلَيَّ أَنْ أَقْتُلَ مُؤْمِنًا", فَجَعَلَهُ مُؤْمِنًا بِإِظْهَارِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ; وَرُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ, فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الْآيَةِ إثْبَاتُ الْإِيمَانِ لَهُ فِي الْحُكْمِ بِإِظْهَارِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ. وَقَدْ كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَعْصِمُونَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِإِظْهَارِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِاعْتِقَادِهِمْ الْكُفْرِ وَعِلْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِفَاقِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ, فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} قَدْ اقْتَضَى الْحُكْمَ لِقَائِلِهِ بِالْإِسْلَامِ.
قَوْله تَعَالَى: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يَعْنِي بِهِ الْغَنِيمَةَ. وَإِنَّمَا سَمَّى مَتَاعَ الدُّنْيَا عَرَضًا لِقِلَّةِ بَقَائِهِ, عَلَى مَا رُوِيَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي قَتَلَ الَّذِي أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَخَذَ مَا مَعَهُ.
قَوْله تَعَالَى: {إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} يَعْنِي بِهِ السَّيْرَ فِيهَا وقَوْله تَعَالَى: "فَتَثَبَّتُوا" قُرِئَ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ, وَقِيلَ إنَّ الِاخْتِيَارَ التَّبَيُّنَ لِأَنَّ التَّثَبُّتَ إنَّمَا هُوَ لِلتَّبَيُّنِ, وَالتَّثَبُّتُ إنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لَهُ.
وقَوْله تَعَالَى: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ} قَالَ الْحَسَنُ: "كُفَّارًا مِثْلَهُمْ" وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "كُنْتُمْ مُسْتَخِفِّينَ بِدِينِكُمْ بَيْنَ قَوْمِكُمْ كَمَا استخفوا.
وقوله تعالى: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} يَعْنِي بِإِسْلَامِكُمْ, كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17] , وَقِيلَ: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِإِعْزَازِكُمْ حَتَّى أَظْهَرْتُمْ دِينَكُمْ.
قَوْله تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} الْآيَةَ; يَعْنِي بِهِ تَفْضِيلَ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ وَالْحَضِّ عَلَى الْجِهَادِ بِبَيَانِ مَا لِلْمُجَاهِدِينَ مِنْ مَنْزِلَةِ الثَّوَابِ الَّتِي لَيْسَتْ لِلْقَاعِدِينَ عَنْ الْجِهَادِ; وَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ شَرَفَ الْجَزَاءِ عَلَى قَدْرِ شَرَفِ الْعَمَلِ, فَذَكَرَ بَدِيًّا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَسَاوِيَيْنِ, ثُمَّ بَيَّنَ التَّفْضِيلَ بِقَوْلِهِ: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} .
مطلب: في أن الأغلب على كلمة "غير" أن تكون صفة لا استثناء وفي الفرق بين المعنيين
وَقَدْ قُرِئَ "غَيْرُ" بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ, فَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهَا نَعْتٌ لِلْقَاعِدَيْنِ, وَالنَّصْبُ عَلَى الْحَالِ; وَيُقَالُ إنَّ الِاخْتِيَارَ فِيهَا الرَّفْعُ, لِأَنَّ الصِّفَةَ أُغْلَبُ عَلَى "غَيْرِ" مِنْ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست