responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3225
أذهانهم، وسوء أدبهم مع الله وكلامه.. ومقابلة القرآن لهذا كله بالترذيل والتقبيح والتهديد والوعيد، والتلويح بالعذاب الأليم المهين العظيم.
«وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ» ..
والويل الهلاك. والأفاك الكذاب المارد على الكذب. والأثيم الكثير المقارفة للإثم. والتهديد شامل لكل من هذه صفته. وهو تهديد صادر من الله القوي القاهر الجبار، القادر على الهلاك والدمار. الصادق الوعد والوعيد والإنذار. فهو تهديد رعيب مفزع مرهوب.
هذا الأفاك الأثيم. آية إفكه وعلامة إثمه، أنه يصر على الباطل ويستكبر على الحق ويتعالى عن الخضوع لآيات الله، ولا يتأدب بالأدب اللائق مع الله:
«يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها» ..
وهذه الصورة البغيضة ولو أنها صورة فريق من المشركين في مكة، إلا أنها تتكرر في كل جاهلية، وتتكرر اليوم وغدا. فكم في الأرض، وبين من يقال إنهم مسلمون، من يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها لأنها لا توافق هواه، ولا تسير مع مألوفه، ولا تعاونه على باطله، ولا تقره على شره، ولا تتمشى له مع اتجاه! «فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ» ..
والبشارة للخير. فهي هنا للسخرية. فإذا كان لا يسمع النذير، فليأته الويل المنظور، في صوت البشير! زيادة في السخرية والتحقير! «وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً» ..
بعد أن يعلمها ويعرف مصدرها. وهذه أشد وأنكى. وهي صورة كذلك مكرورة في الجاهليات الأولى والأخيرة. وكم من الناس. وبين من يقال إنهم مسلمون. من يستهزىء بآيات الله التي يعلمها، ويتخذها مادة للسخرية منها وممن يؤمنون بها ومن يريدون أن يرجعوا أمر الناس والحياة إليها.
«أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ» ..
فالمهانة هي الجزاء المناسب لمن يستهزىء بآيات الله وهو يعلمها.
وهو عذاب حاضر قريب وإن كان موعده آتيا بعد حين. ولكنه في حقيقته قائم موجود:
«مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ» ..
ولفظ «مِنْ وَرائِهِمْ» مقصودة ظلاله فوق معناه. وظلاله.. أنهم لا يرونه لأنه من ورائهم ولا يتقونه لأنهم في غفلة عنه ولا يفوتهم فهم سيقعون فيه! «وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ» ..
فليس شيء مما عملوا أو ملكوا بنافعهم شيئا، فعملهم- ولو صلح- هباء لا يقدرون على شيء منه، وهو قائم على غير أساس من إيمان. وملكهم زائل لا يصاحبهم منه شيء فيه غناء. وأولياؤهم من دون الله- آلهة أو أعوانا وجندا أو خلانا- لا يملكون لهم نصرا ولا شفاعة.
«وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» ..
فوق أنه مهين. فجرمهم في الاستهزاء بآيات الله قبيح يقتضي المهانة، جسيم يقتضي جسامة التعذيب..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست