responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3212
وافق ابن مسعود. رضي الله عنه، وجماعة عنه على تفسير الدخان بما تقدم وروي أيضا عن ابن عباس- رضي الله عنهما- من رواية العوفي عنه وأبي بن كعب- رضي الله عنه- وهو محتمل: والظاهر أن ذلك يوم القيامة.
وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضا. قال ابن جرير: حدثني يعقوب. حدثنا ابن علية. حدثنا خالد الحذاء.
عن عكرمة قال: قال ابن عباس- رضي الله عنهما- قال ابن مسعود- رضي الله عنه- البطشة الكبرى يوم بدر. وأنا أقول: هي يوم القيامة. وهذا إسناد صحيح عنه. وبه يقول الحسن البصري وعكرمة في أصح الروايتين عنه، والله أعلم) .. انتهى كلام ابن كثير..
ونحن نختار قول ابن عباس- رضي الله عنهما- في تفسير الدخان بأنه عند يوم القيامة، وقول ابن كثير في تفسيره. فهو تهديد له نظائره الكثيرة في القرآن الكريم، في مثل هذه المناسبة. ومعناه: إنهم يشكون ويلعبون.
فدعهم وارتقب ذلك اليوم المرهوب. يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس. ووصف هذا بأنه عذاب أليم.
وصور استغاثتهم: «رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ» .. ورده عليهم باستحالة الاستجابة، فقد مضى وقتها: «أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ. ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ» .. يعلمه ذلك الغلام الأعجمي! وهو- كما زعموا- مجنون..
وفي ظل هذا المشهد الذي يرجون فيه كشف العذاب فلا يجابون يقول لهم: إن أمامكم فرصة بعد لم تضع، فهذا العذاب مؤخر عنكم قليلا وأنتم الآن في الدنيا. وهو مكشوف عنكم الآن فآمنوا كما تعدون أن تؤمنوا في الآخرة فلا تجابون. وأنتم الآن في عافية لن تدوم. فإنكم عائدون إلينا «يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى» ..
يوم يكون ذلك الدخان الذي شهدتم مشهده في تصوير القرآن له. «إِنَّا مُنْتَقِمُونَ» من هذا اللعب الذي تلعبون، وذلك البهت الذي تبهتون به الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- إذ تقولون عنه: «مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ» .. وهو الصادق الأمين..
بهذا يستقيم تفسير هذه الآيات، كما يبدو لنا، والله أعلم بما يريد.
بعد ذلك يأخذ بهم في جولة أخرى مع قصة موسى عليه السّلام. فيعرضها في اختصار ينتهي ببطشة كبرى في هذه الأرض. بعد إذ أراهم بطشته الكبرى يوم تأتي السماء بدخان مبين:
«وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ، وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ: أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ. وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ، وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ. «فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ.. فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ. وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً، إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ. «كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ. وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ. فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ. «وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ. مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ. وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ. وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ» ..
هذه الجولة تبدأ بلمسة قوية لإيقاظ قلوبهم إلى أن إرسال الرسول لقومه قد يكون فتنة وابتلاء. والإملاء للمكذبين فترة من الزمان، وهم يستكبرون على الله، ويؤذون رسول الله والمؤمنين معه قد يكون كذلك فتنة وابتلاء. وأن إغضاب الرسول واستنفاد حلمه على أذاهم ورجائه في هدايتهم قد يكون وراءه الأخذ الأليم والبطش الشديد:

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست